فالاستثناء راجع للقدم فقط.
(وحلف من لم يقطع بصدقه) من بائع أو مشتر، فإن ظن قدمه فللمشتري بيمين وإن شك أو ظن حدوثه فللبائع بيمين، ومفهومه أنه إن قطع بقدمه فالقول للمشتري بلا يمين أو بحدوثه فللبائع بلا يمين.
والكلام في العيوب التي شأنها الخفاء، وأما الظاهرة كالعمى والعرج فلا قيام بها ولا يرجع فيها للعادة ولا غيرها.
ثم شرع في بيان ما لو وجد العيب القديم ببعض المبيع وما فيه من التفصيل بقوله: (وإن ابتاع مقوماً) وسيأتي حكم المثلي (معيباً) لا موصوفاً -وسيأتي حكمه- (متعدداً) - كثوبين أو عبدين فأكثر بأعيانها قائمة - (في صفقة) واحدة كما لو اشترى عشرة أثواب بأعيانها (فظهر) له (عيب ببعضه): أي المبتاع المقوم (فله): أي للمبتاع (رده): أي رد البعض المعيب (بحصته من الثمن) ولزمه التمسك بالباقي، وله التمسك بالجميع بجميع الثمن؛ فإذا كان المعيب ثوباً أو أكثر إلى خمسة، وكانت قيمة كل ثوب عشرة، رجع بعشر الثمن في الأول وهو عشرة وبخمسة [¬1] في الاثنين وهو عشرون وهكذا وهذا (إن لم يكن) الثمن (سلعة) بأن كان عيناً أو مثلياً (وإلا)، بأن كان الثمن سلعة كعبد أو دار (ففي قيمتها) يرجع. فإذا كان المعيب ثوباً من العشرة وهو يساوي عشرة، رده ورجع بعشر قيمة العبد أو الدار. ولا يرجع بجزء من السلعة خلافاً لأشهب.
(إلا أن يكون المعيب الأكثر) بأن زاد على النصف (والسالم) من العيب الأقل (باقياً) عند المشتري لم يفت (فالجميع [¬2]) يرده ويأخذ جميع الثمن أو يتماسك به، وليس له التماسك بالأقل السالم ورد الأكثر المعيب. ومفهوم: "باقياً"، أنه لو فات عند المشتري لكان له رد المعيب مطلقاً قل أو كثر وأخذ حصته من الثمن أو من قيمة السلعة وإن وقعت ثمناً.
وشبه في رد الجميع أو التمسك بالجميع أو يتماسك بالبعض السالم بجميع الثمن وإن لم يكن أكثر قوله: (كأحد مزدوجين): كخفين ونعلين وسوارين مما لا يستغنى بأحدهما عن الآخر فليس له رد المعيب بحصته من الثمن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: إن أقر بائع ببعض العيب وكتم بعضه وهلك المبيع، فاختلف: هل يفرق بين أكثر العيب فيرجع بالزائد الذي كتمه؟ كقوله: يأبق خمسة عشر يوماً، وكان يأبق عشرين فيرجع بقيمة خمسة وبين أقله كما إذا أقر بخمسة في المثال وكتم عشرة فيرجع بالجميع، لأنه لما كتم الأكثر كأنه لم يبين شيئاً ولا فرق بين هلاكه فيما بين أو كتم ولا بين المسافة والأزمنة، أو يرجع بأرش الزائد مطلقاً كتم الأقل. أو الأكثر؟ أو يفرق بين هلاكه فيما بينه فيرجع بأرش الزائد الذي كتمه قل أو كثر، أو لا يهلك فيما بينه بل هلك فيما كتمه فيرجع بجميع الثمن؟ أقوال ثلاثة.
قوله: [فالاستثناء راجع للقدم فقط]: اعلم أنه إنما يكون القول قول البائع في حدوث العيب في المشكوك فيه إن لم يصاحبه عيب قديم ثابت، وإلا فالقول قول المشتري بيمين أنه ما حدث عنده وبه أخذ ابن القاسم واستحسنه في التوضيح، قال ابن رشد. لأن المبتاع قد وجب له الرد بالقديم وأخذ جميع الثمن، والبائع يريد نقصه من الثمن بقوله حدث عندك فهو مدع - كذا في (بن).
قوله: [وحلف من لم يقطع بصدقه]: فإن اختلف أهل المعرفة في قدمه وحدوثه، عمل بقول الأعرف فإن استويا في المعرفة، عمل بقول الأعدل. فإن تكافآ في العدالة سقطا لتكاذبهما، وإذا سقطا كان كالشك على ما استظهره بعضهم. والجاري على قول غير ابن القاسم في المدونة: أنها تقدم بينة الرد. قوله: [إن قطع بقدمه]: اعلم أنه يعمل بشهادة البينة بالقدم سواء استندوا في قولهم ذلك للعادة أو للمعاينة أو لإخبار العارفين أو لإقرار البائع لهم بذلك.
قوله: [ولزمه التمسك بالباقي]: أي بما يخصه من الثمن. وليس للمشتري رد الجميع إلا برضا البائع، وليس للبائع أن يقول: إما أن ترد الجميع أو تأخذ الجميع كما قاله ابن يونس.
قوله: [فإذا كان المعيب] إلخ: حاصله أنه يقوم كل سلعة بمفردها على أنها سليمة وينسب قيمة المعيب على أنه سليم إلى الجميع ويرجع بما يخص المعيب من الثمن، وهناك طريقة أخرى للتقويم حاصلها أنه يقوم الأثواب كلها سالمة، ثم تقوم ثانياً بدون المعيب وتنسب القيمة الثانية للأولى وبتلك النسبة يرجع بما يخص المعيب من الثمن.
قوله: [ورجع بعشر قيمة العبد]: أي على المعتمد خلافاً لمن قال يرجع بقيمة عشر العبد ولا شك أن قيمة عشر العبد أقل من عشر قيمته. وحاصل فقه المسألة: أن الثمن إذا كان مقوماً كدار أو عبد أو كتاب أو ثوب واطلع المشتري على عيب في بعض المبيع فقال أشهب: يرجع شريكاً في الثمن المقوم بما يقابل المعيب. وقال ابن القاسم: لا يرجع شريكاً للبائع في الثمن لضرر الشركة، وإنما يرجع بالقيمة. وعلى هذا القول اختلف؛ قيل: معناه أنه يرجع بنسبة قيمة المعيب لقيمة المبيع في قيمة المقوم الواقع ثمناً، فإذا كان المبيع ثوباً وقيمته عشرة نسبتها للمائة قيمة الأثواب المبيعة العشر فيرجع بعشر قيمة المقوم الواقع ثمناً على ما هو المعتمد، وعليه مشى شارحنا. وقيل: يرجع بما يخص المعيب من قيمة الثمن المقوم فإذا كان المعيب ثوباً رجع بقيمة عشر المقوم المدفوع ثمناً فتأمل.
قوله: [وليس له التماسك بالأقل السالم]: أي بحصته من الثمن، وأما بجميع الثمن ويرد المعيب مجاناً فجائز، وإنما منع التمسك بالقليل السالم لأنه كإنشاء عقده بثمن مجهول إذ لا يعرف