هذا هو الراجح من الأقوال المذكورة هنا.

ولما كانت مدة الخيار تختلف باختلاف المبيع بينها بقوله: (ومنتهاه): أي منتهى زمن الخيار (في العقار) وهو الأرض وما يتصل بها من بناء أو شجر: (ستة وثلاثون يوماً ولا يسكن): أي لا يجوز للمشتري في مدة الخيار أن يسكن الدار المشتراة به إن كثرت بلا أجرة، كانت السكنى لاختبارها أم لا، شرطت أم لا. وله اختبارها بغير السكنى.

(وفسد البيع إن شرطها) أي السكنى في صلب العقد؛ لأنه شرط ينافي المقصود من البيع، إذ لا يجوز التصرف في المبيع إلا إذا دخل في ملك مشتريه.

(وجازت) السكنى في مدة الخيار (بأجرة مطلقاً) كانت كثيرة أو يسيرة لاختبارها أو لغير اختبارها، شرطها أم لا (كاليسير) الذي لا بال له (لاختبارها) لا لغيره، فإن سكن الكثير أو اليسير لغير اختبارها بلا إذن فهو معتد تلزمه الأجرة. فتحصل أنه إن سكن بأجرة جاز مطلقاً في الثمان صور بشرط وبغيره قل أو كثر للاختبار أو لغيره، وإن سكن بلا أجرة منع في الكثير في صوره الأربع، وفي اليسير في صورتي عدم الاختبار وجاز في صورتي الاختبار، فالممنوع ست من ست عشرة صورة وقولنا: "وفسد" إلخ مما زدناه عليه.

(و) منتهاه (في الرقيق عشرة) لا أكثر (واستخدمه) جوازاً (اليسير) لا الكثير فلا يجوز (كالسكنى) فيجوز اليسير الذي لا بال له لأجل اختباره لا لغيره، بشرط أم لا والشرط مفسد للبيع. وجاز بأجرة مطلقاً؛ فتجري فيه الست عشرة صورة التي في السكنى. وكذا تجري في لبس الثوب وركوب الدابة واستعمالها. وكلام الشيخ يوهم خلاف المراد؛ لأنه منع السكنى وجوز الاستخدام وأطلق فيهما.

(و) منتهاه (في العروض) كالثياب (خمسة) من الأيام (كالدواب) التي ليس شأنها الركوب أو شأنها ذلك ولم يكن الاختبار له بل لنحو أكلها ورخصها وغلائها. وأما إن كان لخصوص ركوبها فإما في البلد أو خارجها، وإلى ذلك أشار بقوله: (إلا) إذا اشترط (ركوبها بالبلد فاليومان) لا أكثر.

(و) شرط ركوبها خارجه أي البلد (البريدان) لا أكثر على قول أشهب. وقول ابن القاسم: البريد: وهل بينهما خلاف كما هو الظاهر أو وفاق بحمل البريدين على الذهاب مع الإياب؟ تأويلان. هذا ما مشى عليه الشيخ، وكلام غيره: أن الدواب لها الثلاثة الأيام ونحوها مطلقاً سواء كانت تراد للركوب أو غيره. وإنما اليوم ونحوه والبريد ونحوه لخصوص جواز الركوب.

(وصح) الخيار وجاز أيضاً للمشتري أو للبائع أو لغيرهما

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: [هذا هو الراجح]: حاصله: أن من اشترى سلعة على خيار فلان أو رضاه أو باعها على خياره أو رضاه ففي المسألة أقوال أربعة: الأول: وهو المعتمد أنه لا استقلال له سواء كان بائعاً أو مشترياً في الخيار والرضا، والثاني: له الاستقلال بائعاً أو مشترياً في الخيار والرضا، والثالث: له الاستقلال في الرضا بائعا أو مشتريا وليس له الاستقلال في الخيار بائعا أو مشتريا، والرابع: له الاستقلال إن كان بائعاً في الخيار والرضا وإن كان مشترياً، فليس له الاستقلال في الخيار والرضا كذا في خليل وشراحه.

قوله: [تختلف]: أي عندنا خلافاً لأبي حنيفة والشافعية القائلين: بأن مدة الخيار ثلاثة أيام في كل شيء. قوله: [ومنتهاه] إلخ: أي إذا شرط الخيار فيه فإن مدته لا تكون أكثر من شهر وستة أيام فلا ينافي أنها قد تكون أقل حيث عيناه. ثم إن ظاهر المصنف أن أمد الخيار في العقار المدة المذكورة سواء كان الاختبار حال المبيع أو للتروي في الثمن، وهو ظاهر كلام خليل وجمهور أهل المذهب، وقيل إنه قاصر على الأول وأن الثاني ثلاثة أيام وهو ما نقله ابن عرفة عن التونسي - وكذا يقال فيما يأتي في الرقيق. قوله: [وفسد البيع إن شرطها]: الفساد في ثلاث من الصور الممنوعة، وهي ما إذا كان الإسكان كثيراً بشرط من غير أجرة، كان لاختبار حالها أم لا،

أو كان بشرط وهو يسير من غير أجرة لغير اختبار. قوله: [من ست عشرة صورة]: حاصلها أنه إما أن يسكن كثيراً، أو يسيراً، وفي كل إما أن تكون بشرط، أو بغيره. وفي كل: إما لاختبار حالها، أم لا. وفي كل من هذه الثمانية: إما بأجر، أو بغيره وتفاصيلها معلومة من الشارح.

قوله: [ومنتهاه في الرقيق عشرة]: فلو بيعت دار بها رقيق وكل بالخيار فالظاهر الخيار إن قصد به كل منهما اعتبر أمد الأبعد منهما. وإن قصد به أحدهما اعتبر أمد المقصود منهما بالخيار انظر (بن).

قوله: [وأطلق فيهما]: أي في الدابة والثوب أي لم يتعرض في استعمالهما لجواز ولا لعدمه.

قوله: [التي ليس شأنها الركوب]: أي كالبقر والغنم ودخل فيها الطير والإوز والدجاج كذا قرر. وقال اللقاني: إن جرى عرف فيها بشيء عمل به وإلا فلا خيار فيها فيما يظهر كذا في حاشية الأصل. قوله: [ولم يكن الاختبار له]: أي فقط بل كان لنحو أكلها أو لنحو

الأكل والركوب معاً وليس قصد الركوب بدون شرط كشرطه على الراجح.

قوله: [البريدان]: هما سير يوم كامل لأنهما على النصف من مسافة القصر. قوله: [وهل بينهما خلاف]: أي فالبريد عند ابن القاسم ذهاباً وإياباً والبريدان عند أشهب كذلك أو البريد ذهاباً ومثله إياباً والبريدان كذلك. قوله: [بحمل البريدين]: أي في كلام أشهب: أي فبريد ذهاباً وبريد إياباً، وهو عين قول ابن القاسم البريد، فإن معناه البريد ذهاباً ولا بد له بريد إياباً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015