فصل في خيار من تعتق وهي في عصمة عبد
(لمن كمل عتقها) من الإماء وهي (تحت عبد) ولو بشائبة (فراقه) فيحال بينها وبينه حتى تختار (بطلقة)، وقوله: (فقط) راجع للثلاثة أي كمل عتقها لا إن لم يكمل تحت عبد لا حر بطلقة لا أكثر، سواء بينت أو أبهمت؛ كأن قالت: طلقت نفسي أو اخترت نفسي، (بائنة) خبر لمبتدأ محذوف أي وهي بائنة، وبالجر على النعت، والمعنى صفتها البينونة ولا إيهام فيه، فإن أوقعت طلقتين فله رد الثانية على قول الأكثر.
(ولا شيء لها) من الصداق إن اختارت نفسها (قبل البناء ولها بعده) أي البناء (المسمى)، لأنه تقرر لها بالوطء (إلا أن تعتق قبله) أي البناء، ولم تعلم بعتقها (فيطؤها غير عالمة، فالأكثر منه) أي من المسمى (ومن صداق) المثل.
(وليس للسيد انتزاعه) أي الصداق (إلا أن يشترطه) السيد لنفسه بعد أن قبضته من زوجها، (أو يأخذه) السيد من الزوج (قبل العتق) فيكون للسيد في الصورتين.
واستثني من قوله "لمن كمل عتقها" إلخ، قوله: (إلا أن تسقطه) أي إلا أن تسقط خيارها بقولها: اخترت زوجي ونحوه، أو تقول: أسقطت خياري فلا خيار لها بعد ذلك.
(أو تمكنه) من نفسها (طائعة) وإن لم يطأها بالفعل (بعد العلم) منها بعتقها، فلا خيار لها، (ولو جهلت الحكم) بأن لها الخيار أو بأن تمكينها طائعة مسقط لخيارها.
(أو يبينها): أي: يطلقها طلاقاً بائناً فلا خيار لها لفواته بفوات محل الطلاق.
(أو يعتق) زوجها (قبل اختيارها) فلا خيار لها لأنها صارت حرة تحت حر، (إلا) أن يحصل عتقه قبل اختيارها (لتأخير) للاختيار منها (لحيض)، فلا يسقط اختيارها لجبرها شرعاً على التأخير إذ لا يجوز طلاق في زمن الحيض، فإن أوقعت الطلاق زمنه لزم.
(ولها) أو لمن كمل عتقها (إن أوقفها) زوجها عند حاكم بحضرة عتقها، وقال لها: إما أن تختاري الفراق أو تختاري البقاء معي،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في خيار من تعتق ... إلخ
قوله: [لمن كمل عتقها]: أي في مرة أو مرات بأن أعتق السيد جميعها إن كانت كاملة الرق أو باقيها إن كانت مبعضة، أو عتقت بأداء كتابتها، أو كانت مدبرة وعتقت من ثلث ماله، أو أم ولد عتقت من رأس ماله.
قوله: [وهي تحت عبد]: قال ابن رشد علة تخييرها نقص زوجها لا جبرها على النكاح، ولذا قلنا لا خيار لها إذا كمل عتقها وهي تحت الحر، وعلى قول أهل العراق من أن علته جبرها على النكاح لها الخيار إذا كمل عتقها تحت الحر أيضاً.
قوله: [لا إن لم يكمل]: أي كما إذا حصل لها شائبة حرية كتدبير أو عتق لأجل أو عتق بعض أو إيلاد من سيد، كما لو غاب الزوج فاستبرأها السيد من ماء الزوج، وارتكب المحظور ووطئها فولدت فلا يحصل لها الخيار بمجرد ذلك.
قوله: [خبر لمبتدأ محذوف] إلخ: قال (بن) فيه نظر إذ قطع النعت هنا عن التبعية لا يجوز لقولهم إن نعت النكرة لا يقطع إلا إذا وصفت بنعت آخر، وذلك مفقود هنا وزعمهم أن في الجر إيهاما غير صحيح تأمل اهـ. فإذا علمت ذلك فالمناسب للشارح أن يقتصر على الثاني.
قوله: [فله رد الثانية على قول الأكثر]: أي لقول مالك لا تختار إلا واحدة بائنة، وقاله أكثر الرواة ومقابله قول المدونة وللأمة إذا عتقت أن تختار نفسها بالبتات وبتاتها اثنتان إذ هما بتات العبد.
قوله: [فالأكثر منه] إلخ: أي لأنه إن كان المسمى أكثر فقد رضي به على أنها أمة فرضاه به على أنها حرة أولى، وإن كان صداق مثلها أكثر دفعه له وجوباً لأنه قيمة بضعها، ومحل لزومه الأكثر منهما إذا كان نكاحه صحيحاً أو فاسداً لعقده، فإن كان فاسداً لصداقه وجب لها بالدخول مهر المثل اتفاقاً قاله (ح).
قوله: [إلا أن تسقطه]: أي ولو صغيرة أو سفيهة إذا كان الإسقاط حسن نظر لها، وإلا لم يلزمها عند ابن القاسم، ونظر لها السلطان، خلافاً لقول أشهب يلزمها الإسقاط مطلقاً ولو لم يكن حسن نظر.
قوله: [أو تمكنه من نفسها]: يدخل في ذلك ما إذا تلذذت بالزوج لأن تلذذه بها مع محاولته لها يكون مسقطاً فأحرى إذا تلذذت به دون محاولة منه.
قوله: [بعد العلم منها بعتقها]: فلو ادعى عليها العلم وخالفته كان القول قولها بلا يمين.
قوله: [ولو جهلت الحكم] إلخ: هذا الإطلاق الذي مشى عليه المصنف شهره ابن شاس وابن الحاجب والقرافي، وقال ابن القطان: إنما أسقط مالك خيارها حيث اشتهر الحكم ولم يمكن جهل الأمة به، وأما إذا أمكن جهلها فلا.
قوله: [فلا خيار لها]: أي ولو كان تأخيرها الاختيار لحيض، فقوله الآتي: "إلا لتأخير لحيض" محله حيث لم يبنها قبل ذلك، واعلم أنه إذا أبانها قبل اختيارها نفسها وكان ذلك قبل الدخول فلها نصف الصداق، ولا يدخل هذا تحت قوله: "ولا شيء لها قبل البناء" لأن ذاك فيما إذا اختارت فراقه قبل طلاقها.
قوله: [بفوات محل الطلاق]: أي وهو العصمة، فإذا أبانها واختارت الطلاق بعده كان ذلك الطلاق لا محل له لزوال محله بالبينونة.
قوله: [فلا يسقط اختيارها]: محل ذلك ما لم تمض مدة يمكنها أن تختار فيها فلم تختر حتى جاء الحيض وإلا فلا خيار لها.
قوله: [إن أوقفها زوجها] إلخ