(رَاجِيًا) مِنْ اللَّهِ الْكَرِيمِ (غُفْرَانَهَا) فَإِنَّهَا وَإِنْ عَظُمَتْ وَكَثُرَتْ فَعَفْوُ اللَّهِ أَعْظَمُ وَفِي الْحَدِيثِ: «أَذَنْبُك أَعْظَمُ أَمْ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ؟ فَقَالَ: ذَنْبِي، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَذَنْبُك أَعْظَمُ أَمْ عَفْوُ اللَّهِ؟ فَقَالَ عَفْوُ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْ: اللَّهُمَّ مَغْفِرَتُك أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي وَرَحْمَتُك أَرْجَى لِي مِنْ عَمَلِي» . (خَائِفًا مِنْ سَطْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى) : فَإِنَّهُ وَإِنْ أَمْهَلَ الْمُذْنِبَ رُبَّمَا أَخَذَهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعِيبٌ عَلَى الْإِنْسَانِ يَنْسَى عُيُوبَهُ ... وَيَذْكُرُ عَيْبًا فِي أَخِيهِ قَدْ اخْتَفَى
فَلَوْ كَانَ ذَا عَقْلٍ لَمَا عَابَ غَيْرَهُ ... وَفِيهِ عُيُوبٌ لَوْ رَآهَا بِهَا اكْتَفَى
قَوْلُهُ: [وَرَحْمَتُك أَرْجَى لِي مِنْ عَمَلِي] : هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْعَارِفِينَ: الِاعْتِمَادُ عَلَى الْعَمَلِ نَقْصٌ فِي الْإِيمَانِ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ بَعْضُهُمْ:
ذُنُوبِي وَإِنْ فَكَّرْت فِيهَا كَثِيرَةٌ ... وَرَحْمَةُ رَبِّي مِنْ ذُنُوبِي أَوْسَعُ
وَمَا طَمَعِي فِي صَالِحٍ قَدْ عَمِلْته ... وَلَكِنَّنِي فِي رَحْمَةِ اللَّهِ أَطْمَعُ
قَوْلُهُ: [خَائِفًا مِنْ سَطْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى] : قَالَ تَعَالَى: {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99] فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ جَمْعًا بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] فَيَكُونُ الرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ مِنْهُ كَجَنَاحَيْ الطَّائِرِ لَكِنْ فِي حَالِ الصِّحَّةِ يَغْلِبُ الْخَوْفُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْخَرِيدَةِ:
وَغَلِّبْ الْخَوْفَ عَلَى الرَّجَاءِ ... وَسِرْ لِمَوْلَاك بِلَا تَنَائِي