وَمَا تَتَحَصَّلُ بِهِ مِنْ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ. فَقَالَ:
(الطَّهَارَةُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ يُسْتَبَاحُ بِهَا مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ أَوْ حُكْمُ الْخَبَثِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتُّرَابِيَّةُ بِمَسْحٍ فَقَطْ، وَالْخَبَثِيَّةُ أَيْضًا مَائِيَّةٌ وَغَيْرُ مَائِيَّةٍ، وَالْمَائِيَّةُ بِغُسْلٍ وَنَضْحٍ، وَغَيْرُ الْمَائِيَّةِ بِدَابِغٍ فِي كَيْمَخْتٍ فَقَطْ، وَنَارٍ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِمَا. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُمْ: الرَّافِعُ هُوَ الْمُطْلَقُ لَا غَيْرُهُ، فِيهِ نَظَرٌ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ. وَعَلَى التَّحْقِيقِ مِنْ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ رَفْعًا مُقَيَّدًا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ وَإِنَّمَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ لَا وَجْهَ لَهُ، إذْ كَيْفَ تَجْتَمِعُ الْإِبَاحَةُ مَعَ الْمَنْعِ أَوْ الْوَصْفِ الْمَانِعِ؟ نَعَمْ الْأَمْرَانِ مَعًا - أَيْ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ - لَا يَرْفَعُهُمَا إلَّا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَرْفَعُهُمَا مَعًا لِأَنَّ التُّرَابَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَقَطْ وَالدِّبَاغُ وَالنَّارُ إنَّمَا يَرْفَعَانِ حُكْمَ الْخَبَثِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (وَأَحْكَامُهَا) : وَهِيَ الْوُجُوبُ إذَا تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهَا أَوْ النَّدْبُ أَوْ السُّنِّيَّةُ إنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ.
قَوْلُهُ: [وَالطَّاهِرُ] : سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: الطَّاهِرُ مَيْتَةُ مَا لَا دَمَ لَهُ وَالْحَيُّ وَدَمْعُهُ إلَخْ.
وَقَوْلُهُ: [النَّجِسُ] : بَيَّنَهُ أَيْضًا فِي بَابِ الطَّاهِرِ وَفِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ.
قَوْلُهُ: [وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] : اسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى الطَّهَارَةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَأُفْرِدَ بِاعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: [وَيُسَمَّى كِتَابُ الطَّهَارَةِ] : أَيْ كَمَا يُسَمَّى بِبَابِ الطَّهَارَةِ وَهِيَ تَسْمِيَةٌ قَدِيمَةٌ.
قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: قَالَ ابْنُ مَحْمُودٍ شَارِحُ أَبِي دَاوُد: قَدْ اُسْتُعْمِلَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ زَمَنَ التَّابِعِينَ، يَعْنِي لَفْظَةَ بَابٍ، قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ أَيْضًا وَانْظُرْ لَفْظَةَ كِتَابٍ، قَالَ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ وَانْظُرْ لَفْظَةَ فَصْلٍ.
قَوْلُهُ: الطَّهَارَةُ: هَذَا شُرُوعٌ فِي مَعْنَاهَا اصْطِلَاحًا. وَأَمَّا مَعْنَاهَا لُغَةً فَهِيَ النَّظَافَةُ مِنْ الْأَوْسَاخِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ كَالْمَعَاصِي الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ. قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ التَّحْقِيقِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ رَاشِدٍ، وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ الرَّصَّاعُ وَالتَّتَّائِيُّ عَلَى الْجَلَّابُ والشبرخيتي وَشَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ، مَوْضُوعَةً لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ الْخُلُوصُ مِنْ الْأَوْسَاخِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا حِسِّيَّةً أَوْ مَعْنَوِيَّةً خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ح