بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ وَشُرُوطِهِ الْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ؛ مَرْجِعُهَا إلَى انْقِضَاءِ الشَّيْءِ وَتَمَامِهِ؛ فَيُطْلَقُ عَلَى الْأَمْرِ، نَحْوُ: {وَقَضَى رَبُّكَ} [الإسراء: 23] : أَيْ أَمَرَ {أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] . وَعَلَى الْأَدَاءِ نَحْوُ قَضَيْت الدَّيْنَ، وَمِنْهُ {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 103] وَعَلَى الْفَرَاغِ، نَحْوُ. {قُضِيَ الأَمْرُ} [يوسف: 41] : أَيْ فَرَغَ. وَعَلَى الْفِعْلِ نَحْوُ: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72] وَعَلَى الْإِرَادَةِ نَحْوُ: {إِذَا قَضَى أَمْرًا} [آل عمران: 47] . وَعَلَى الْمَوْتِ نَحْوُ: {قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ]
بَابٌ: أَيْ مَسَائِلُهُ وَقَوْله: [وَشُرُوطُهُ] : أَيْ الْأَرْبَعَةُ الْآتِيَةُ، وَهُوَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالْجَعَالَةِ وَالْقِرَاضِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالْمُغَارَسَةِ وَالتَّحْكِيمِ وَالْوَكَالَةِ وَأَصْلُهُ قَضَايٌ لِأَنَّهُ مِنْ قَضَيْت إلَّا أَنَّ الْيَاءَ لَمَّا جَاءَتْ بَعْدَ الْأَلِفِ قُلِبَتْ هَمْزَةً وَالْجَمْعُ الْأَقْضِيَةُ وَالْقَضَايَا.
قَوْله: [يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ] : ذَكَرَ الشَّارِحُ مِنْهَا سَبْعَةً فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ كَعَيْنٍ.
قَوْله: [أَيْ أَمَرَ] إلَخْ: أَيْ أَمْرًا جَازِمًا. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى أَمَرَ لَا حَكَمَ إذْ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى حَكَمَ لَمْ يَقَعْ غَيْرُ مَا حَكَمَ بِهِ، ابْنُ عَطِيَّةَ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى حَكَمَ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ، لِلْمُؤْمِنِينَ.
قَوْله: [نَحْوُ {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72]] : أَيْ افْعَلْ الَّذِي تُرِيدُهُ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ السَّحَرَةِ لِفِرْعَوْنَ حِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ.
قَوْله: [نَحْوُ {قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23]] : النَّحْبُ فِي الْأَصْلِ النَّذْرُ أَيْ قَضَى نَذْرَهُ، وَذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمَوْتِ، لِأَنَّ النَّذْرَ لَازِمُ الْحُصُولِ كَالْمَوْتِ.