كأنه أراد وقت واحد من الأول وهو وقت ثالثها، وأنت خبير بأنّ تركيب عديله توصيفي فجعله إضافياً خلاف الظاهر كما لا يخفى، والظاهر في توجيه كلامه هو أنه أراد والثلاثة الأخيرة في وقت واحد هو وقت ثالث الأول أعني وقت السؤال عن الخمر والميسر كما هو الواقع على ما ذكره المفسرون، فقوله في وقت واحد وإن كان عامّا بحسب المفهوم لكنه أراد به ذلك الفرد الخاص تعويلا على الواقع واعتمادا على ظهور المراد كما هو دأبه في أمثاله وإن كان صاحب الكشاف لم يعتمد عليه ونصب قرينة واضحة دالة على أنّ المراد بالوقت الواحد ما ذكرناه حيث قال كأنه قيل: يجمعون الخ كما لا يخفى، ومن البين أنه لا دلالة في كلامه على أنّ ذلك الوقت الواحد أي وقت الثلاثة الأخيرة مباين لكل واحد من أوقات الأول حتى لا يمكن حمله عليه، وقوله:
ثم بها ثلاثاً للتراخي في الذكر دون الوقت على أنه يمكن أن يقال: إنّ في قوله فلذلك ذكرها أي ذكر الثلاثة الأخيرة بحرف الجمع إشارة إلى ما ذكره لأنّ ذكر أوّلها بحرف يفيد الجمع بينه وبين ما هو عطف عليه يقتضي وحدة وقتهما والا لكانا سؤالين مبتدأين كما لا يخفى (أقول) هذا الذي نحاه هذا القائل مأخوذ من قول العلامة في شرح الكشاف يعني: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ} [سورة البقرة، الآية: 215] {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} [سورة البقرة، الآية: 217] {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [سورة البقرة، الآية: 219] {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ} {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} [سورة البقرة، الآية: 220] ويسألونك عن المحيض فالثلاثة الأخيرة التي فيها الواو جمعت مع الأخير مما ليس فيه الواو وهو قوله: يسألونك عن الخمر والميسر فقد فرقت بين الثلاثة وجمعت بين الأربعة فلذلك قال يجمعون لك بين السؤال عن الخمر والميسر الخ ولم يرتضه الشارح النحرير، وأشار إلى أنّ السؤال عليه باق لم يندفع. ثم اعلم أنه لا غبار على كلام الكشاف لأنه سأل عن العطف ثلاث مرّات والعطف إذا ثلث بين الجمل اقتضى أربع جمل ضرورة وقد عدها أربعا فكيف يقال: إنه وهم وأما كلام المصنف رحمه الله فإنه صرح باتحاد الوقت في ثلاثة فورد السؤال عليه فلعله لم ير أنّ العاطف الأوّل عاطف على ثالث الثلاثة بل عطف مجموع الأسئلة المتحدة الوقت على الأسئلة المختلفة فيه عطف القصة على القصة، أو يقال: إنه لاحظ أن السؤال عن الإنفاق قد تقدم فلم بعده معها والأوّل أولى وما ذكره هؤلاء تكلف لا طائل تحته ولذا لم يلتفت إلى هذا السؤال المدقق في الكشف مع تشنيع صاحب الانتصاف فتأمل. ثم إنّ وجه العطف والترك ما في الانتصاف، وهو أن أوّل المعطوفات عين الأوّل في المجردة لكنه أولاً أجيب بالمصرف الأهم وان كان المسؤول عنه المنفق ثم أعيد ليذكر المسؤول عنه صريحا وهو العفو الفاضل عن حاجته فتعين عطفه ليرتبط بالأوّل، والسؤال عن اليتامى لما كان له مناسبة مع النفقة باعتبار أنهم إذا خالطوهم أنفقوا عليهم عطفه على ما قبله، ولما كانوا اعتزلوا عن مخالطة اليتامى ناسب ذكر اعتزال الحيض لأنه هو اللائق بالاعتزال فلذا عطفه لارتباطه بما قبله، وإذا نظرت إلى الأسئلة الأول وجدت بينها كمال المناسبة إذ المسؤول عنه النفقة والقتال والخمر فذكرت مرسلة متعاطفة وهذا من بدائع البيان، فإن قيل: الوجه الذي ذكره المصنف تبعا للكشاف ما وجهه إذ يكفي فيه اجتماع الجمل في الوقوع مع وجود الجامع سواء كانت في وقت واحد أولاً مع أنّ الواو العاطفة لا تفيد المعية وكون اتحاد الوقت يقتضي العطف وعدمه يقتضي تركه لم يقل به أحد من أهل المعاني، قيل: المراد أنه لما كان كل منها سؤالاً مبتدأ من غير تعلق بالآخر ولا مقارنة معه لم يقصد إلى جمعها بل أخبر عن كل على حدة بل يجوز أن يكون الإخبار عن هذا قبل وقوع الآخر بخلاف السؤالات الأخر حيث وقعت في وقت واحد عرفا كشهر كذا ويوم كذا مثلا فقصد إلى جمعها وهذا عندي لا يسمن ولا يغني من جوع فلا بد من تحقيقه على وجه آخر ولعله يتيسر لها
وقوله: نفرة أي لأجل النفرة، وقوله: إشعاراً بأنه العلة أي علة المنع منه أنه مؤذ ملوّث ينفر عنه الطبع. قوله: (تكيد للحكم وبيان لغايته الخ (لأنّ غايته الاغتسال مطلقا في مذهب المصنف رحمه الله فلما أفاد بيان غاية لم تعلم مما قبله صح عطفه لأنه ليس لمجرد التأكيد، وما قيل: من أن التأكيد لا يعطف وإن الغاية معلومة مما قبله وهم وفسروا التطهير بالغسل لأنه معنى شريئ مناسب لصيغة