فهو متعلق به، ثم إنه أشار إلى تغيرهما بأنه هدى للمنكرين وغيرهم بإعجازه وأنها واضحة الهداية إلى الحق من غير ذلك وفارقة بين لاحق والباطل فالهدى ليس مكررا هنا لتغاير متعلقه والزمخشريّ دفعه بأنه تدرج في وصفه بالهداية فجعله أوّلاً هدى ثم واضحات هدى. قوله: (قمن حضر في الشهر الخ) يعني ليس الشهر مفعولاً به كما في قولك شهدت يوم الجمعة بمعنى أدركته إذ ليس معناه كنت مقيما غير مسافر فيه وإنما لم يكن مفعولاً به لأنّ المقيم والمسافر كلاهما شاهدان للشهر أي مدركان له مع أنّ المسافر لا يجب عليه الصوم على الوجه الذي يجب على المقيم أي من غير رخصة في الإفطار، وإذا جعل الشهر ظرفاً والشاهد بمعنى الحاضر له لم يتناول المسافر فلم يحتج إلى تخصيصه كما احتيج إلى تخصيص المريض المقيم في الشهر ولا خفاء في أنّ تقليل التخصيص! أولى ولا حاجة إلى تقدير المفعول أي شهد البلد وأما ضمير فليصمه فظرف على الاتساع كما في قوله: ويوم شهدناه وفيه نظر فإن ما بعده مخصص له فلا حاجة إلى سلوك غير المتبادر وتقليل الاختصاص أمر سهل، وقوله للتعظيم أي المفهوم من التكرار وان لم يكن معنى اللفظ مما يشعر بالتعظيم. قوله:) وقيل فمن شهد منكم هلال الشهر الخ) الشهر زمن معروف في
الأشهر وقال الزجاج: أنه اسم للهلال نفسه، قال ذو الرمة:
يرى الشهر قبل الناس وهو نحيل
ثم أطلق على الزمان لطلوعه فيه فعلى هذا الشهر مفعول وشهده بمعنى المشاهدة ونحوها والمصنف رحمه الله حمل المشاهدة على هذا المعنى فاحتاج إلى تقدير الهلال لأنّ الشهر نفسه لا يشاهد ولو كان بمعنى الإدراك لم يحتج إلى تقدير أيضا كما يقال شهدت عهد الخليفة أي أدركته وأما ضمير يصمه فعلى التوسع على كل حال لأنّ صام غير متعد ومثل بشهدت الجمعة للتقدير لقيام القرينة وهو ظاهر، وقوله: فيكون الخ أي مخصصاً للمجموع أو للمسافر والا فهو مخصص للمريض على كل حال وأما ذكره مسابقا فلما لم يصرح فيه برمضان لم يكن مخصصاً فتأمل. وبين وجه تكريره أو أن ما مرّ من قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} الخ إذ كان منسوخا على أحد الوجهين كما مرر بما توهم نسخه لذكره فأعاده لتقريره. قوله:) يريد أن ييسر عليكم ولا يعسر الخ) يشير إلى أن قوله: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} قرينة على أنّ المراد بقوله: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الترخيص في الإفطار لا إيجابه على ما زعم بعض الناس والمعنى فعليه عذة من أيام أخر لو اختار الرخصة وما ذكر من أنه يريد أن لا يعسر مدلول يريد الله بكم اليسر لا مدلول ولا يريد بكم العسر لأن عدم إرادة العسر لا يستلزم إرادة عدم العسر إلا إذا ثبت لزوم تعلق الإرادة بأحد النقيضين كذا قيل: ورذ بأنه مسلم بالنظر إليها في نفسها وأما بملاحظة قوله: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} فيستلزمه، وقيل: إنّ قوله ولا يعسر مرفوع معطوف على ما يريد لا منصوب معطوف على ييسر ونبه به على أنّ عدم إرادته العسر مستلزم لعدم العسر إذ لا يكون شيء بدون إرادته ومنه ظهر ضعف ما قاله النحرير وفيه نظر واباحة الفطر للسفر والمرض يسر دون عسر لجواز الفطر وعدم إيجابه. قوله: (علل لفعل محذوف الخ الما لم يكن في النظم ظاهراً ما يعطف عليه هذا التعليل اختلف فيه على وجوه سيأتي بيانها وعندي أنه ميل مع المعنى والتوهم لأنّ ما قبله علة للترخيص فكأنه قيل: رخص لكم في ذلك لإرادته بكم اليسر دون
العسر ولتكملوا الخ والمصنف ذهب إلى أنها علل لمقدر معطوف على ما قبله بقرينة ما قبله شرع لكم ما ذكر لتكملوا أما ذكر الأمر بالصوم وبمراعاة العدة فظاهر، وأما الترخيص فقيل بقوله: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} وقيل: بقوله: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وقيل: عليه أنه ذكر في تفصيل العلل أمر الشاهد بالصوم دون تعليم كيفية القضاء، وفي تطبيق العلل ورذ كل منها إلى معلل بالعكس ولم يقع بإزاء صوم الشهر علة وبإزاء لتكبروا معلل، وأجيب بأن أمر الشاهد بصوم الشهر توطثة وتمهيد وفي الأمر بمراعاة العذة تعليم لكيفية القضاء لا! معناه فليراع عذة ما أفطر ليصومها من شهر فيخرج عن العهدة ولما في هذا اللف من الخفاء قال الزمخشرقي: إنه لطيف المسلك. قوله: (أو لأفعال كل الخ (عطف على قوله لفعل وعلى الأوّل يقدر فعل مجمل شامل لها وعلى هذا يقدر على التفصيل كأمركم بصومه ورخص لكم فيه لسفر ومرض الخ وأخره لما فيه من كثرة التقدير