وجد كما صرح به في الآية الأخرى وألفه منقلبة عن ياء. قوله: (الواو للحال أو العطف الو وأن الوصلية في مثل هذا تقترن بالواو وقال أبو حيان رحمه الله إنها لازمة لا يجوز إسقاطها واختلف فيها فقيل: عاطفة على حال مقدرة وقيل: حالية وقيل: القولان بمعنى لأنّ المعطوت عليه حال فهي عاطفة وحالية وهذا هو الصحيح وبعينه قول العرب:
قد قيل: ما قيل أصدقا وان كذبا
ونحوه والضابط فيها أن تقدر بالأبعد ليفيد الأقرب دلالة وفي الكشف إن الشرط نقل لمجرّد التسوية وهذا الشرط لا يقتضي جوابا على الصحيح لأنه خرج عن معنى الشرطية وإنما يقدرونه توضيحا للمعنى وتصويراً له وأمّا دلالتها على المنع من التقليد فلزمهم على اتباع آبائهم
ولو كانوا لا يهتدون فإمّا من تيقن أنه مهتد محقق فلا يدخل فيه وهو ظاهر. قوله: (على حذف مضاف الخ) اختلف في هذا التشبيه هل هو مفرّق على أنه تشبيه أشياء بأشياء أو تشبيه مركب بمركب وانّ تقدير المضاف هل هو مبني على التفريق أم لا فقيل: لا بد من تقدير المضاف وان كان مركبا على ما ينبئ عنه لفظ المثل لأنّ المناسبة تقتضي إضافة المثل أي الحال والقصة في الطرفين إلى المتناسبين الواقع أحدهما موقع الآخر وان لم يكن القصد الأصلي تشبيهه به كقوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً} [سورة البقرة، الآية: 17] و {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [سررة الجمعة، الآية: 5] ولا يحسن كمثل الأسفار وبهذا يندفع ما يقال لم لا يجوز أن يكون التشبيه مركباً غير مفرّق فلا يحتاج إلى تقدير وأورد عليه أنهم قد صرحوا في قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء} [سورة يونمى، الآية: 24] أنه لا تقدير فيه على التركيب وتابعهم هذا القائل في قوله تعالى. {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء} [سورة البقرة، الآية: 9 ا] وفيه بحث ليس هذا محله، وإذا قلنا بالتقدير سواء كان لازما في الوجهين أو في أحدهما فإما أن يقدر في الأوّل مثل داعي الذين كفروا أو في الثاني أي كمثل بهائم الذي ينعق وعلى التفريق فالداعي بمنزلة الراعي والكفرة بمنزلة الغنم المنعوق بها ودعاؤه الكفرة بمنزلة صياج الناعق وعلى التركيب شبه حال هذا الداعي مع من دعاه في أنهم يسمعون قوله ولا يفهمونه بمنزلة الراعي الصائح بغنمه وكلام المصنف رحمه الله محتمل لهذا وإليه أشار بقولة والمعنى الخ، ومغزاه بالعين والزاي المعجمتين أصله محل الغزو والقتال وتجوّز به عن المقصود منه يقال: هو لا يعرف مغزى كذا أي ما يقصد منه وهذان وجهان من ثمانية أوجه في الآية وهما الأرجح وجوّز فيه الزمخشري أن يراد بما لا يسمع البهائم كما هو الظاهر من كلمة ما، والنعيق التتابع في تصويت البهائم وأن يراد الأصم الأصلح وتركه المصنف رحمه الله لأنه خلاف الظاهر من وجوه والداعي هنا الداعي إلى الإيمان. قوله: (وقيل هو تمثيلهم الخ (في الكشاف، وقيل: معناه ومثلهم في اتباعهم آباءهم وتقليدهم لهم كمثل البهائم التي لا تسمع إلا ظاهر الصوت ولا تفهم ما تحته فكذلك هؤلاء يتبعونهم على ظاهر حالهم ولا يفقهون أهم على حق أم باطل فشبه حالهم في اتباع آبائهم بحال البهائم كما أنها لا تتبع إلا ظاهر النداء كذلك هؤلاء لا يتبعون إلا ظاهر حال الآباء وهذا أشذ مناسبة لما قبله وفيه احتمال التركيب والتفريق والأوّل أولى ولا تقدير على هذا التقدير. قوله: (أو تمثيلهم في دعائهم
الآصنام الخ (يعني أنّ هذا الوجه فيه احتمالان أحدهما أن يكون تشبيها مفرقاً والآخر أن يكون تمثيلا والاحتمال الأوّل مردود لفقدان التقابل بين المشبه والمشبه به وعدم صحة قوله الادعاء ونداء لأنهم لا يسمعون شيئاً، والثاني مقبول لعدم ورود ذلك وأورد عليه أنه على التمثيل لا يندفع ذلك لأنّ المراد أنّ داعي الأصنام لا يرجع من دعائها إلى شيء وأنها أدون حالاً من البهائم لأنها تسمع دعاء ونداء وهي لا تسمع شيئا قط قال تعالى: {إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} فإذا لم يوجد في الممثل ما للممثل به يناسبه تفوت هذه الدقيقة لأنّ الواجب في التمثيل أن يقدر للممثل له ما للممثل به من الحال المتوهمة المنتزعة من أمور ولو اختل منها شيء اختل التمثيل اللهم إلا أن يجعل التشبيه مركباً عقلياً أي مثل دعائهم الأصنام فيما لا جدوى فيه كمثل الناعق بما لا يسمع الادعاء ونداء وردّ بأن ما يذكر في الطرفين لا بد أن يكون له دخل في انتزاع الهيئة والفرق بين المركب الوهمي والمركب العقلي في ذلك بتخصيص المدخلية وهم وهذه جملة معطوفة على