رحمه الله. قوله: (ولذلك يسلب عن غيره) أي لأجل استعماله فيما استجمع المعاني المقصودة منه سلب عمن لم يستجمعها فيقال: ليس بإنسان. ولولا هذا لكان كذباً مع أنه صدق مستحسن كما قال:
يا قارع الباب على عبد الصمد لاتقرع البا ب فماثمّ أحد
وقد مرّ لك أنّ هذا مستلزم لجعل الناقص بمنزلة العدم، فليس مغايراً له كما قيل فتدبر واستجمع بمعنى جمع، فهو متعد كما يشعر به كلام الصحاح، وفي المصباح أنه لازم كتجمع فعليه يكون تضميناً أو مجازا. قوله: (وفد جمعهما الشاعر) أي جمع استعمال اللفظ في مسماه مطلقا واستعماله فيما يستجمع المعاني المقصودة مته، فإنّ المراد من الناس الأوّل الجنس ومن الثاني الكاملون في الإنسانية، وقس عليه الزمان والديار فيما سيأتي، وقد عرفت أنّ منشأ هذا اسم الجنس نفسه بقطع النظر عن تعريفه، وتعريفه إنما يفيد تعيينه كما صرّح به المصنف رحمه الله والراغب آنفاً، فمن قال ومن هما يعلم أنّ دعوى الكمال يجوز اعتبارها في النكرة أيضاً فقد أجمل إذا أهمل، ثم إنّ أخذه من نفس اللفظ معرفة كان أو نكرة لا ينافي إفادة التعريف له عند
من له أدنى بصيرة نقادة. وقوله: (ومن هذا الباب) أي نفي اسم الجنس عمن لم توجد فيه خواصه المقصودة منه، فإنه في الآية الآتية جعل المسامع صماحين لم تسمع الحق والعيون عميا إذ لم تر الصواب لانتفاء فوائدها وثمراتها المقصودة منها وهو ظاهر، وقيل: إنّ التمثيل به مبنيّ على أنه الاستعارة لا على التشبيه، فإنّ الصم وما معه عليه حقيقة، والشعر المذكور مشهور في كتب الأدب، الآ أنه وقع على وجوه: ففي بعضها:
إذ الناس ناس والبلاد بلاد
وفي آخر:
إذ الناس ناس والزمان زمان
وفي آخر:
إذ الناس ناس والديار ديار
وأنشده في الحماسة البصرية هكذا:
ألا هل إلى أحبال سلمى بذي اللوى لوى الرمل من قبل الممات معاد
بلادبها كنا وكنا نحبها إذ الناس ناس والبلاد بلاد
ولم يسم قائله، وفي الأغاني أنه لرجل من عاد وله حكاية ذكرها هكذا في بعض الحواشي، وفيه ما فيه وقيل: صدر المصرع المذكور:
لقد كنت ذا حظ من الجود والعلى
وقيل:
ديار بها كنا وكنا نحبها
قوله (أو للعهد والمراد به الرسول صنى الله عليه وسغ إلخ) قدم هذا صاحب الكشاف، وذهب صاحب البحر إلى أنه أولى، وأيده بعضهم بأنه الماثور، لأنه مرويّ عن ابن عباس رضي الله عنهما، كما أخرجه ابن جرير، والمعهود أمّا النبيّ عليه الصلاة والسلام، ومن معه ممن اتبعه من المؤمنين، لأنهم نصب عينهم دائما وقد مرّ ذكرهم أيضا بقوله الذين يؤمنون لأنهم داخلون فيه دخولا أوليا وان عمّ فالعهد خارجيّ أو خارجيّ ذكريّ، لأنّ بينهما عموماً وخصوصاً فقولك: أكرم هذا الرجل فيه تعريف خارجي، ولم يجر له ذكر كما لا يخفى، وتشبيه الإيمان المطلوب منهم ب! يمان هؤلاء لا يقتضي مساواته له من جميع الوجوه، كما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله والمعنى إلخ. فلا وجه لما قيل: من أنّ الظاهر أنّ المراد على تقدير العهد مطلق المؤمنين فقط إذ المطلوب مجرد إيمانهم لا الإيمان المشابه لإيمان النبيّ وأصحابه في الكمال ولا المشابه لإيمان النبيّ وأصحابه في الكمال ولا المشابه لإيمان من آمن
منهم كعبد الله بن سلام وفي بعض شروح الكشاف وتبعه بعض أرباب الحواشي هنا العهد الخارجي باعتبار كونهم كالمذكورين سابقا بوجه خطابي وهو أنّ الرسول! ك! نرو ومن محه- من المؤمنين كانوا نصب أعينهم وملتفت خواطرهم لأنهم كانوا متألمين منهم لإظهار المعجزات، وتلاوة القرآن عليهم أو عبد الله بن سلام وأشياعه، فانهم أيضاً محل التفات خواطرهم لأنهم من جلدتهم، ولا يغيبون عن خواطرهم لشدة! غيظهم بسبب إيمانهم وشدة تألمهم بسببهم والتقدير، كما آمن أصحابكم واخوانكم، ولا يخفى ما فيه. قوله: (أو من آمن من أهل جلدتهم إلخ) الجلدة والجلد بكسر الجيم، وسكون اللام التي تليها دال مهملة هو من الحيوان ظاهر بشرته، وقال الأزهريّ: الجلد غشاء جسد الحيوان والجمع جلود وقد يجمع على أجلاد كحمول، وأحمال، وجلدة الرجل، وأهل جلدته أبناء جنسه، أو قومه وعشيرته وبهما فسره! أهل اللغة، وورد استعماله والمناسب هنا الثاني وقد ورد في الحديث " قوم من جلدتنا " (1 (أي من أنفسنا وعشيرتنا