ما يستخبث طبعاً أو ما خبث فيها، وجعل مثل الدم والربا مما حرّم لأنّ الأصل في الأشياء الحل ولا يرد عليه أحل الله البيع وحرّم الربا لأنه ردّ لقولهم: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [سورة البقرة، الآية: 275] أو لأن المراد ابقاه على حله لمقابلته بتحريم الربا وبه اندفع ما مرّ من أنه لا فائدة فيه، وقوله: (كالدم الخ) إشارة إلى القولين في الخبيث كما مرّ وفي قوله: {فَسَأَكْتُبُهَا} [سورة الأعراف، الآية: 156] تخلص حسن جداً كما في المثل السائر فانظره. قوله: (ويخفف عنهم ما كلفوا به الخ) يعني أن الوضع والإصر والأغلال كل منها استعارة لما ذكر، ويصح جعل بعضها استعارة والآخر ترشيح، والمجموع استعارة تمثيلية ولم يبين لكل مثالاً على حدة لأنه يصلح لكل منها، والأصر الحمل والثقل وقرىء بالفتح على المصدر وبالضم على الجمعية وهو ظاهر، وقرض! موضمع النجاسة قيل إنه من الثوب والبدن، وقد أورد عليه أنه ينافي ما ذكره في قوله: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا} من تفسيره بالعفو عن القصاص على طريقة الندب، وجمع بأنه كان مأموراً به في الألواح أولاً، ثم تعين عليهم القصاص تشديداً عليهم جزاء لما صدر عنهم والحراك بحاء مكسورة وراء مهملة الحركة. قوله: (وعظموه بالتقوية) هذا حقيقة معناه لغة قال الراغب: في مفرداته التعزير النصرة مع التعظيم والتعزير الذي هو دون الحد يرجع إليه لأنه تأديب والتأديب نصرة لأن أخلاق السوء عدو، ولذا قال: في الحديث " انصر أخاك ظالماً أو مظلوما ققيل كيف أنصره ظالماً فقال ثكفه عن الظلم)) 1 (ومن غفل عنه قال: وجه لتقييد التعظيم بالتقوية لأنّ كلاً منهما معنى مستقل له مع أنه يتكرّر مع قوله
نصروه وهو غفلة عن قول المصنف رحمه الله ونصروه لي أي قصدوا بنصره وجه الله واعلاء كلمته. قوله: (أي مع نبوّته يعني القرآن (أي المراد بالنور القرآن لأن حقيقة النور ومحصل معناه ما كان ظاهراً بنفسه مظهرا لغيره، وهو كذلك لظهوره في نفسه بإعجازه واظهاره لغيره من الأحكام واثبات النبوّة فهو استعارة فإن فهمت فهو نور على نور وقدر نبوته لأنه لم ينزل معه، وإنما أنزل مع جبريل عليه الصلاة والسلام فأشار إلى تقرير مضاف إذا تعلق بأنزل لأنّ استنباءه كان مصحوبا بالقرآن مشفوعاً به، فإن تعلق باتبعوا فالمعنى اتبعوا القرآن مع إتباع النبي ىكييه فيكون أمراً بالعمل بالكتاب والسنة، أو هو حال أي اتبعوا القرآن مصاحبين له في إتباعه؟ وقيل مع بمعنى على وهو بعيد وجوز أن يكون حالاً مقدرة من نائب لاعل أنزل. قوله: (ومضمون الآية جواب دعاء موسى صلى الله عليه وسلم) يعني من قوله قال عذابي إلى هنا وفيه طيّ لما في الكشاف من السؤال والجواب عن تطابقهما، ودعاؤه قوله فاغفر الخ. قوله: (الخطاب عامّ الخ) إشارة إلى أنّ التعريف للاستغراق بدليل قوله جميعا، وهو ردّ على اليهود ومن قال إنه مبعوث للعرب ولذا أدرج فيه الجن لأنّ المعنى للناس جميعا لا للعرب فلا ينافيه دخولهم وان قلنا بالمفهوم فتأفل، وقوله حال من إليكم أي من الضمير المجرور قيل: ولا حاجة إلى ذكره، ورذ بأنه دفع لتوهم أنه حال من الناس وقوله: (إلى كافة الثقلين (لا يرد عليه أن كافة يلزم نصبه على الحالية، وغيره لحن لأنه غير مسلم كما فصلناه في شرح درة الغواص. قوله: (صفة لله تعالى وإن حيل بينهما الخ) ردّ على أبي البقاء رحمه الله إذ استضعف النعت، والبدل بالفصل لأنه ليس بأجنبيّ، ولأنه لكونه معمول المضاف إليه أي إلى الله وهو رسول المضاف في نية التقديم فكأنه لا فصل فيه، وقيل: فيه إشارة إلى ترجيحه وان رجح الزمخشريّ خلافه لأنه أقحم معنى وأسهل لفظاً، وجعله مبتدأ قيل هو مع ظهوره في المقام نبوة عنه. قوله: (وهو على الوجوه الآول) هي ما عدا كونه مبتدأ وكذا في الكشاف جعله بيانا للجملة قبله مع قوله إنه بدل من الصلة، وفي الكشف فيه دلالة بينة على أنّ البدل يكون بياناً كما نص عليه سيبويه، ووجه البيان أنّ من ملك العالم هو الإله فبينهما تلازم يصحح جعل الثانية مبينة للأولى والبيان ليس المراد به الإثبات بالدليل حتى يقال الظاهر العكس لأنّ الدليل على تفرده بالألوهية ملكه للسموات والأرض مع
أنه يصح أن يجعل دليلاً عليه أيضاً، لأن الدليل على أنه المالك المتصرف فيهما وما فيهما انحصار الألوهية فيه إذ لو كان إله غيره لكان له ذلك وهو ظاهر، وأما اعتراض أبي حبان