مِنَ اللَّهِ نَقْصٌ مِنَ التَّوَكُّلِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ أَيْ أَنْتَ الْمَلْجَأُ دُونَ حَائِلٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ لِصِدْقِ فَقْرِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْغَيْبَةِ عَنِ الْأَحْوَالِ وَإِضْمَارِ الْخَيْرِ أَيْ أَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ عِوَضًا من السخط ذكره بن ماكولة الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِ أَخْبَارِ الْعَارِفِينَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَخَطُهُ وَمُعَافَاتُهُ وَعُقُوبَتُهُ مِنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ فَاسْتَعَاذَ مِنَ الْمَكْرُوهِ مِنْهُمَا إِلَى الْمَحْبُوبِ وَمِنَ الشَّرِّ إِلَى الْخَيْرِ قَالَ الْقُرْطُبِيّ ثمَّ ترقى عَن الْأَفْعَال إِلَى منشىء الْأَفْعَالِ فَقَالَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ مُشَاهَدَةً لِلْحَقِّ وَغَيْبَةً عَنِ الْخَلْقِ وَهَذَا مَحْضُ الْمَعْرِفَةِ الَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْهُ قَوْلٌ وَلَا يَضْبِطُهُ صِفَةٌ وَقَوْلُهُ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَيْ لَا أُطِيقُهُ أَيْ لَا أَنْتَهِي إِلَى غَايَتِهِ وَلَا أُحِيطُ بِمَعْرِفَتِهِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا الْآنَ وَرَوَى مَالِكٌ لَا أُحْصِي نِعْمَتَكَ وَإِحْسَانَكَ وَالثَّنَاءَ عَلَيْكَ وَإِنِ اجْتَهَدْتُ فِي ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَمَعْنَى ذَلِكَ اعْتِرَافٌ بِالْعَجْزِ عِنْدَ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ صِفَاتِ جَلَالِهِ تَعَالَى وَكَمَالِهِ وَصَمَدِيَّتِهِ وَقُدُوسِيَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَجَبَرُوتِهِ مَا لَا يُنْتَهَى إِلَى عَدِّهِ وَلَا يُوصَلُ إِلَى حَدِّهِ وَلَا يَحْمِلُهُ عَقْلٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ فِكْرٌ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى هَذَا الْمَقَامِ انْتَهَتْ مَعْرِفَةُ الْأَنَامِ وَلِذَلِكَ قَالَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إِدْرَاكٌ وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ سُبْحَانَ مَنْ رَضِيَ فِي مَعْرفَته بِالْعَجزِ عَن مَعْرفَته وَقَالَ بن