فِيهِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِيمَانَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْخَطَايَا وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَعَ الْإِيمَانِ وَصَارَ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِيمَانِ فِي مَعْنَى الشَّطْرِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ هُنَا الصَّلَاةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا كَانَ الله لِيُضيع ايمانكم وَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَصَارَتْ كَالشَّطْرِ وَلَيْسَ يَلْزَمُ فِي الشَّطْرِ أَنْ يَكُونَ نِصْفًا حَقِيقِيًّا وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ الْأَقْوَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ وَانْقِيَادٌ بِالظَّاهِرِ وَهُمَا شَطْرَانِ لِلْإِيمَانِ وَالطَّهَارَةَ مُتَضَمِّنَةٌ لِلصَّلَاةِ فَهِيَ انْقِيَادٌ فِي الظَّاهِرِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ إِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يُطَهِّرُ نَجَاسَةَ الْبَاطِنِ وَالْوُضُوءَ يُطَهِّرُ نَجَاسَةَ الظَّاهِرِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تملأ الْمِيزَان قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أعظم أَجْرِهَا وَأَنَّهُ يَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ نُصُوصُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَى وَزْنِ الْأَعْمَالِ وَثِقَلِ الْمِيزَانِ وَخِفَّتِهَا وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ يَمْلَأُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَالَ النَّوَوِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَوْ قُدِّرَ ثَوَابُهُمَا جِسْمًا لَمَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَسَبَبُ عِظَمِ فَضْلِهِمَا مَا اشْتَمَلَا عَلَيْهِ مِنَ التَّنْزِيهِ لِلَّهِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالتَّفْوِيضِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْحَمْدُ رَاجِعٌ إِلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَوْصَافِ كَمَالِهِ فَإِذَا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى حَامِدٌ مُسْتَحْضِرٌ مَعْنَى الْحَمْدِ فِي قَلْبِهِ امْتَلَأَ مِيزَانُهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ فَإِذَا أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ سُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي مَعْنَاهُ تَبْرِئَةُ اللَّهِ وَتَنْزِيهُهُ عَنْ كُلِّ مَالا يَلِيقُ بِهِ مِنَ النَّقَائِصِ مَلَأَتْ حَسَنَاتُهُ وَثَوَابُهَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِذِ الْمِيزَانُ مَمْلُوءٌ بِثَوَابِ التَّحْمِيدِ وَذِكْرِ السَّمَاوَاتِ على جُبَّة الِاعْتِنَاءِ عَلَى الْعَادَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الثَّوَابَ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ جِدًّا بِحَيْثُ لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ مَا بَيْنَهُمَا وَالصَّلَاةُ نُورٌ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَمْنَعُ مِنَ الْمَعَاصِي وَتَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَتَهْدِي إِلَى الصَّوَابِ كَمَا أَنَّ النُّورَ يُسْتَضَاءُ بِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ أَجْرَهَا يَكُونُ نُورًا لِصَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ إِنَّهَا سَبَبٌ لِإِشْرَاقِ أَنْوَارِ الْمَعَارِفِ وَانْشِرَاحِ الْقَلْبِ وَمُكَاشَفَاتِ الْحَقَائِقِ لِفَرَاغِ الْقَلْبِ فِيهَا وَإِقْبَالِهِ إِلَى اللَّهِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَكُونُ نُورًا ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَكُونُ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا عَلَى وَجْهِهِ إِلَيْهَا بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَالزَّكَاةُ بُرْهَانٌ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ مَعْنَاهُ يُفْزَعُ إِلَيْهَا كَمَا يُفْزَعُ إِلَى الْبَرَاهِينِ كَمَا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا سُئِلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ مَصْرِفِ مَالِهِ وَقَالَ غَيْرُ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ مَعْنَاهُ أَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَى إِيمَانِ فَاعِلِهَا فَإِنَّ الْمُنَافِقَ يَمْتَنِعُ مِنْهَا لِكَوْنِهِ لَا يَعْتَقِدُهَا فَمَنْ تَصَدَّقَ اسْتُدِلَّ بِصَدَقَتِهِ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِهِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْبُرْهَانُ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ أَيْ أَنَّهَا حُجَّةٌ لِطَالِبِ الْأَجْرِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا فَرْضٌ يُجَازِي اللَّهُ بِهِ وَعَلَيْهِ وَقِيلَ هِيَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِ صَاحِبِهَا لِطِيبِ نَفْسِهِ بِإِخْرَاجِهَا وَذَلِكَ لِعَلَاقَةِ مَا بَيْنَ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ بُرْهَانٌ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِ الْمُتَصَدِّقِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ أَوْ عَلَى صِحَّةِ مَحَبَّةِ الْمُتَصَدِّقِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِمَا لَدَيْهِ مِنَ الثَّوَابِ إِذْ آثَرَ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَابْتِغَاءَ ثَوَابِهِ عَلَى مَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَتَّى أَخْرَجَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَعَنْ مَعْصِيَتِهِ وَعَلَى النَّائِبَاتِ وَأَنْوَاعِ الْمَكَارِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْمُرَادُ أَنَّ الصَّبْرَ مَحْمُودٌ لَا يَزَالُ صَاحِبُهُ مُسْتَضِيئًا مُهْتَدِيًا مُسْتَمِرًّا عَلَى الصَّوَابِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَوَاهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَالصَّوْمُ ضِيَاءٌ بِالْمِيمِ وَلَمْ تَقَعْ لَنَا تِلْكَ الرِّوَايَةُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ