[1373] خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَة وَبِه جزم بن الْعَرَبِيِّ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدنَا وَالثَّانِي أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَوْنُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلَ الْأَيَّامِ لَا يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى عَيْنِ الْيَوْمِ لِأَنَّ الْأَيَّامَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي أَنْفُسِهَا وَإِنَّمَا يَفْضُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِمَا يُخَصُّ بِهِ مِنْ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى نَفْسِهِ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ قَدْ خُصَّ مِنْ جِنْسِ الْعِبَادَاتِ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ الَّتِي يَجْتَمِعُ لَهَا النَّاسُ وَتَتَّفِقُ هِمَمُهُمْ وَدَوَاعِيهِمْ وَدَعَوَاتُهُمْ فِيهَا وَيَكُونُ حَالُهُمْ فِيهَا كَحَالِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ لِيُسْتَجَابَ لِبَعْضِهِمْ فِي بَعْضِهِمْ وَيُغْفَرَ لِبَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةُ حَجُّ الْمَسَاكِينِ أَيْ يَحْصُلُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَحْصُلُ لِأَهْلِ عَرَفَةَ ثُمَّ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَشْهَدُونَهُمْ وَيَكْتُبُونَ ثَوَابَهُمْ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ هَذَا الْيَوْمُ الْمَشْهُودَ ثُمَّ يَحْصُلُ لِقُلُوبِ الْعَارِفِينَ مِنَ الْأَلْطَافِ وَالزِّيَادَاتِ جِسْمًا يُدْرِكُونَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ يَوْمَ الْمَزِيدِ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَصَّهُ بِالسَّاعَةِ الَّتِي فِيهِ وَبِأَنْ أَوْقَعَ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي هِيَ خَلْقُ آدَمَ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْبَشَرِ وَمِنْ وَلَدِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ وَمِنْهَا إِخْرَاجُهُ مِنَ الْجَنَّةِ الَّتِي حَصَلَ عِنْدَهُ إِظْهَارُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتُهُ فِي هَذَا النَّوْعِ الْآدَمِيِّ مَعَ احْتِرَامِهِ وَمُخَالَفَتِهِ وَمِنْهَا مَوْتُهُ الَّذِي بَعْدَهُ وُفِّيَ بِهِ أَجْرَهُ وَوَصَلَ إِلَى مَأْمَنِهِ وَرَجَعَ إِلَى الْمُسْتَقَرِّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَمَنْ فَهِمَ هَذِهِ الْمَعَانِي فَهِمَ فَضِيلَةَ هَذَا الْيَوْمِ وَخُصُوصِيَّتَهُ