الْمَرِيضَ الصَّفْرَاوِيَّ يَجِدُ طَعْمَ الْعَسَلِ مُرًّا وَالصَّحِيحَ يَذُوقُ حَلَاوَتَهُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فَكُلَّمَا نَقَصَتِ الصِّحَّةُ شَيْئًا نَقَصَ ذَوْقُهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ بِالنَّصْبِ خَبَرُ يَكُونَ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الْمُرَادُ بِالْحُبِّ هُنَا الْحُبُّ الْعَقْلِيُّ الَّذِي هُوَ إِيثَارُ مَا يَقْتَضِي الْعَقْلُ السَّلِيمُ رُجْحَانَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ هَوَى النَّفْسِ كَالْمَرِيضِ يَعَافُ الدَّوَاءَ بِطَبْعِهِ فَيَنْفِرُ عَنْهُ وَيَمِيلُ إِلَيْهِ بِمُقْتَضَى عَقْلِهِ فَيَهْوَى تَنَاوُلَهُ فَإِذَا تَأَمَّلَ الْمَرْءُ أَنَّ الشَّارِعَ لَا يَأْمُرُ وَلَا يَنْهَى إِلَّا بِمَا فِيهِ إِصْلَاحٌ عَاجِلٌ أَوْ إِصْلَاحٌ آجِلٌ وَالْعَقْلُ يَقْتَضِي رُجْحَانَ جَانِبِ ذَلِكَ تَمَرَّنَ عَلَى الِائْتِمَارِ بِأَمْرِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ هَوَاهُ تَبَعًا لَهُ وَيَلْتَذُّ بِذَلِكَ الْتِذَاذًا عَقْلِيًّا إِذِ الِالْتِذَاذُ الْعَقْلِيُّ إِدْرَاكُ مَا هُوَ كَمَالٌ وَخَيْرٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ وَعَبَّرَ الشَّارِعُ عَنْ هَذِهِ بِالْحَلَاوَةِ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ اللَّذَائِذِ الْمَحْسُوسَةِ قَالَ وَإِنَّمَا جَعَلَ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ عِنْوَانًا لِكَمَالِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا تَأَمَّلَ أَنَّ الْمُنْعِمَ بِالذَّاتِ هُوَ اللَّهُ وَأَنْ لَا مَانِعَ فِي الْحَقِيقَةِ سِوَاهُ وَأَنَّ مَا عَدَاهُ وَسَائِطُ وَأَنَّ الرَّسُولَ هُوَ الَّذِي يُبَيِّنُ لَهُ مُرَادَ رَبِّهِ اقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِكُلِّيَّتِهِ نَحْوَهُ فَلَا يُحِبُّ إِلَّا مَا يُحِبُّ وَلَا يُحِبُّ مَنْ يُحِبُّ إِلَّا مِنْ أَجْلِهِ وَأَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ جُمْلَةَ مَا وَعَدَ وَأَوْعَدَ حَقٌّ بِيَقِينٍ تُخُيِّلَ إِلَيْهِ الْمَوْعُودُ كَالْوَاقِعِ فَيَحْسِبُ أَنَّ مَجَالِسَ الذِّكْرِ رِيَاضُ الْجَنَّةِ وَأَنَّ الْعَوْدَ إِلَى الْكُفْرِ إِلْقَاءٌ فِي النَّارِ قَالَ وَأَمَّا تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ مِمَّا سِوَاهُمَا فَلِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنَ الْمَحَبَّتَيْنِ لَا كُلُّ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا ضَائِعَةٌ لَاغِيَةٌ وَأَمَرَ بِالْإِفْرَادِ فِي حَدِيثِ الْخَطِيبِ إِشْعَارًا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَعْطُوفَيْنِ مُسْتَقِلٌّ بِاسْتِلْزَامِ الْغَوَايَةِ إِذِ الْعَطْفُ فِي تَقْدِيرِ التَّكْرِيرِ وَالْأَصْلُ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ مِنَ الْمَعْطُوفَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَأَنْ يُحِبَّ فِي اللَّهِ وَأَنْ يُبْغِضَ فِي اللَّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015