(وقوله تعالى: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ) (?) فقوله: أَنْتُمْ ليس بمبتدأ لأن (لو) إنما تدخل على الفعل؛ بل هو فاعل فعل محذوف، والأصل:
لو تملكون تملكون؛ فحذف الفعل احترازا عن العبث لوجود المفسر ثم أبدل من الضمير المتصل ضميرا منفصلا على ما هو القانون عند حذف العامل؛ ...
===
(قوله: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) إن قلت: كيف يتسبب عن ذلك بقية الآية، وهى قوله: إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ أى: الفراغ، فإن تلك الخزائن لا تتناهى فكيف يتسبب عن ملكها خوف فراغها كما هو مقتضى الشرطية؟ قلت: أجاب بعضهم بأنهم لعلهم يغفلون عن عدم تناهيها، وإن كانت لا تتناهى فى نفس الأمر فيمسكون مع ملكها خوف فراغها، أو أن الغرض المبالغة فى حرصهم وبخلهم حتى إنهم لو ملكوا مالا يتصور نفاده أمسكوا
(قوله: والأصل لو تملكون تملكون) اعترض بأن فيه جمعا بين المفسر والمفسر وهو غير جائز، فالأولى أن يقال: والأصل لو تملكون، وأجيب بأن الثانى يجعل تأكيدا بالنظر لما قبل الحذف، ثم لما حذف الفعل الأول جعل الثانى تأكيدا فليس فيه جمع بين المفسر والمفسر، وبعد الحذف يكون تفسيرا وليس فيه الجمع المذكور؛ لأن المفسر بالفتح محذوف، ولو قدر الأصل تملكون بدون تكرار لم توجد قرينة تعين ذلك المحذوف فلا بد من التقدير مكررا ليكون الثانى قرينة على حذف الأول لقصد الاختصار مع حصول التأكيد، ولا يقال: إن الضمير يدل على المقدر إذ لولا تدخل على جملة اسمية؛ لأنا نقول إنما يدل على حذف الفعل ولا يدل على عينه، كما أن لو تدل على الفعل المطلق لا على خصوص تملكون فتأمل.
(قوله: فحذف الفعل) أى: وهو تملكون الأول
(قوله: لوجود المفسر) أى:
وهو تملكون الثانى؛ لأنه عند حذف الأول يكون الثانى تفسيرا بعد أن كان مؤكدا قبل الحذف
(قوله: ثم أبدل من الضمير) وهو الواو فى تملكون المحذوف ضمير منفصل وهو أنتم، والمراد بالإبدال هنا التعويض لا الإبدال النحوى، وإلا لكان المحذوف جملة أى: الفعل والفاعل معا، وحذف بعض الجملة أسهل من حذفها بتمامها مع ما فيه من حذف المؤكد وعامله وبناء التأكيد، وذلك غير معهود.