فى تقديم الفعل فى قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ (?) على ما سيجىء، وإن كان ذكر الله أهم نظرا إلى ذاته.
===
والثناء على الله لا يحصل إلا بمجموع المبتدأ والخبر، وحينئذ فالمقام إنما يقتضى تقديم مجموع الجملة على ما سواه لا تقديم لفظ الحمد على لفظ الجلالة، وحينئذ فتعليل أهمية الحمد على اسمه تعالى المقتضية لتقديم الحمد بكون المقام مقام حمد لا يصح، وحاصل الجواب أنا نسلم أن الحمد الذى يقتضيه المقام هو الثناء وأن الثناء لا يحصل إلا بمجموع الجملة إلا أن لفظ الحمد لما كان موضوعا للثناء كان تقديمه على لفظ الآخر أهم لإشعاره بما يقتضيه المقام، وعلم من كلامه أن الأهم العرضى إذا اقتضاه الحال يكون أولى بالرعاية من الأهم الذاتي.
(قوله: فى تقديم الفعل فى قوله تعالى: اقْرَأْ ... إلخ) حيث قال: قدم الفعل؛ لأنه أهم من اسم الله؛ لأن المقام مقام قراءة، وهذا مبنى على أن قوله: " باسم ربك" متعلق ب" اقرأ" الأول، وأما إن علق بالثانى ونزل الأول منزلة اللازم، فلا يرد البحث من أصله.
(قوله: وإن كان ذكر الله) الواو للحال، " وإن" زائدة أى: والحال أن ذكر الله أى ذكر هذا اللفظ أهم من كل شيء نظرا إلى ذاته لكونه دالا على الذات العلية المقدمة على غيرها وجودا ورتبة، فإن قلت الاهتمام ب" اسم الله" ذاتى لما علمت والاهتمام ب" الحمد" عرضى أى عارض بالنظر لخصوص المقام، والأول مقدم فى الاعتبار على الثاني، وعلى تقدير عدم تقديمه عليه فى الاعتبار، وأنهما متساويان فيه؛ فهما متعارضان، فإما أن يتساقطا ويعدل إلى أمر آخر أو يرجح اعتبار أحدهما بمرجح؛ قلت: المرجح لاعتبار الاهتمام العرضى الحاصل بتقديم الحمد قصد المتكلم؛ لأن الحاكم بالترجيح فى التقديم فى باب البلاغة قصد البليغ أو كون تقديم الحمد هو الأصل؛ لأنه مبتدأ وساد مسد العامل بحسب الأصل أو أن أهمية الله الذاتية كفت شهرتها مؤنة ما يدل عليها بخلاف الاهتمام بالحمد فإنه عارض، فاللائق الإتيان بما يدل عليه كالتقديم لخفائه.