للذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، والعدول إلى الجملة الاسمية ...

===

صح أن يعبر به عن ذلك المعنى لحصول الغرض منه، وذات الشيء تقال على حقيقته الكلية وعلى هويته الخارجية، والمراد هنا الثاني، وتستعمل الذات استعمال النفس واستعمال الشيء فلذا يجوز فيها التذكير والتأنيث.

(قوله: للذات) أورد المعرف باللام إشارة إلى أنه اسم للذات المعينة بالشخص فيكون علما شخصيا.

(قوله: الواجب الوجود ... إلخ) اعترض ذكر هذين الوصفين بأنه إن كان لكونهما من جملة الموضوع له لزم عليه أن لفظ الجلالة كلى انحصر فى جزئي، وهو باطل؛ لأنه يلزم عليه عدم إفادة لا إله إلا الله للتوحيد، والعقلاء مجمعون على إفادتها لذلك، وإذا بطل اللازم بطل الملزوم.

وإن كان ذكرهما لتمييز الموضوع له عن غيره، فلا وجه لتخصيصهما بالذكر من بين الأوصاف المميزة، وأجيب باختيار الثاني، وإنما خصّا بالذكر لاشتهاره بهما واختصاصه بهما لفظا ومعنى، فلا يستعمل واحد منهما فى غيره، وليس أحد فى الواقع متصفا بواحد منهما غيره تعالى، وقدّم الأول على الثاني؛ لأن الأول أصل لغيره من صفات الكمال؛ لأن كل كمال يتفرع على وجوب الوجود بالذات؛ لأنه المفهوم عند الإطلاق، فواجب الوجود من حيث هو كذلك أكمل الموجودات وأشرفها، فيجب اتصافه بأشرف طرفى النقيضين من أى وصف اعتبر، وأخر الوصف الثانى عن الأول؛ لأن استحقاقه لجميع المحامد فرع وجوب وجوده، والمحامد جمع محمدة بمعنى الحمد أى المستحق لكل فرد من أفراد الحمد.

(قوله: والعدول إلى الجملة الاسمية ... إلخ) هذا يفيد أن أصل هذه الجملة الاسمية الجملة الفعلية المعدول عنها، وهو كذلك لأمرين:

أولهما: أن الحمد من المصادر الدالة على الأحداث المتعلقة بمحالها من الذوات والشائع الكثير فى بيان الأحداث المنسوبة لمحالها المتعلقة بها هو الأفعال لدلالتها على وقوع تلك الأحداث فى أزمنة مخصوصة.

ثانيهما: أن ذلك المصدر، وهو الحمد فى أكثر استعماله منصوب على المفعولية المطلقة بأفعال محذوفة بأن يقال: حمدا لله، والأصل: حمدت حمدا الله؛ فحذف الفعل مع الفاعل، وأقيم المصدر مقامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015