وصير العالم النحرير) أى: المتقن، من: نحر الأمور علما: أتقنها (زنديقا) كافرا نافيا للصانع العدل الحكيم، فقوله: هذا إشارة إلى حكم سابق غير محسوس وهو كون العاقل محروما والجاهل مرزوقا فكان القياس فيه الإضمار فعدل إلى اسم الإشارة ...
===
(قوله: حائرة) أى: متحيرة فى ثبوت الصانع ونفيه؛ لأن مقتضى المناسبة العقلية أن الصانع الحكيم يرزق ذا التدبير والعقل دون العكس إن قلت إذا كان هذا الأمر يصير الأوهام ذوات حيرة فغاية أمر العالم أن يتحير فمن أين يصيره زنديقا أى جازما بنفى الصانع قلت الزندقة لا تتوقف على الجزم بنفى الصانع بل تحصل بالتردد فيه اللازم لذلك التحير غالبا
(قوله: وصير العالم إلخ) قيل أراد بالعالم وزنديقا نفسه وقد أخطأ فى الأول وأصاب فى الثانى أما فى الأول فلأن مقتضى كونه عالما لا يعترض عليه تعالى فإنه العليم بما يخفى على العباد المتصرف فى ملكه بما يريد ولأنه لو كان عالما تحريرا ما اعترض على الله بذلك وغفل عن كون الرزق حسيا ومعنويا وأن الثانى أفضل لأنه رزق العلوم والمعارف والحكم وأما فى الثانى فلأنه زنديق ملحد. اهـ.
وفيه أن هذا يبعده قوله سبحان من وضع الأشياء موضعها إلخ فإنه يقتضى أنه غير زنديق فلعله أراد غيره
(قوله: من نحر الأمور علما) تمييز محول عن المفعول والأصل نحر علم الأمور أى أتقنه ففعل به كما فعل بقوله تعالى وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً (?) ثم إن النحر فى الأصل هو الذكاة على وجه مخصوص فتفسيره بالإتقان مجاز علاقته المشابهة فى إزالة ما به الضرر فإن الذبح يزيل الدماء والرطوبات التى فى الحيوان والإتقان يزيل الشكوك والشبهات
(قوله: نافيا للصانع) قائلا لو كان له وجود لما كان الأمر كذلك وكان على الشارح أن يزيد ومنكرا للآخرة لقول القاموس الزنديق هو من لا يؤمن بالآخرة والربوبية ولعل الشارح اقتصر على ما ذكره وترك إنكار الآخرة لأنه يلزم من نفى الصانع إنكار الآخرة
(قوله: إشارة إلى حكم سابق) أى: إلى أمر محكوم عليه سابق
(قوله: فكان القياس فيه الإضمار) أى: بأن يقال هما مثلا وإنما كان القياس الإضمار