وعدمها بأن تكون إحداهما ثبوتية والأخرى سلبية- كذب.

(وقيل) صدق الخبر ...

===

(قوله: بأن تكون إحداهما ثبوتية إلخ) أى: كما إذا قيل: زيد قائم ولم يحصل له قيام فى الواقع، أو قلت: زيد ليس بقائم وقد حصل له القيام، فللكذب صورتان كما أن للصدق صورتين.

بقى شىء آخر وهو أن تعريف الصدق بما ذكر معترض بلزوم الدور؛ وذلك لأنه قد أخذ الخبر فى تعريف الصدق فيكون صدق الخبر موقوفا على تصور الخبر، وقد عرفوا الخبر بأنه: ما احتمل الصدق والكذب لذاته، فقد أخذ فى تعريف الخبر فيكون تصور الخبر موقوفا على تصورهما وهذا دور، وأجيب بأن الصدق والكذب المأخوذين فى تعريف الخبر هما صفتا المتكلم وهما الإعلام بالشىء على ما هو عليه أو على خلافه، والصدق والكذب المأخوذ فى تعريفهما الخبر صفتا الخبر على أنه ليس بلازم بناء التعاريف بعضها على بعض، فالذى يعرف الصدق بما ذكر لا يعرف الخبر بما احتمل الصدق والكذب، بل بما لا يتوقف مدلوله على النطق به أو بما حصل مدلوله فى الخارج بدونه وكان حكاية عنه، وأورد على التعريف أيضا المبالغات: كجئت اليوم ألف مرة، فإنه يصدق عليه حد الكذب دون حد الصدق وليس بكذب، فحد الصدق غير جامع وحد الكذب غير مانع، وأجيب بأن المبالغ إن قصد ظاهر الكلام فهو كذب، وإن قصد معنى مجازيا: كالكثرة فى المثال؛ فهو صدق لمطابقة النسبة الكلامية بحسب المعنى المراد للواقع، فالمراد مطابقة النسبة الكلامية بحسب المعنى المراد لا الوضعى.

(قوله: وقيل) قائله النظام وهو من المعتزلة، وقد أشار المصنف إلى كمال سخافة هذا المذهب بحذف قائله وتحقيره بمجهوليته مع العلم بأنه النظام، وإلى رجحان مذهب الجاحظ عليه بذكر قائله، ووجه كمال سخافته ما يلزم عليه من تصديق اليهودى، إذا قال الإسلام باطل وتكذيبه إذا قال: الإسلام حق وإجماع المسلمين ينادى على ذلك بالبطلان والفساد، وبطلان اللازم يقتضى بطلان الملزوم، وإنما قدم المصنف هذا المذهب على مذهب الجاحظ لكمال اتصاله بالمذهب الأول حيث اتفقا على انحصار الخبر فى الصادق والكاذب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015