. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والخفاء، من حيث إنه لا يعتد بذلك الإيراد إلا إذا حصلت الرعاية لمقتضى الحال، كما يشعر به تعريف البيان بأنه علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة الوضوح والخفاء بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال، فلما كانت ثمرة البيان متوقفة على ثمرة المعاني، وعلم البيان متوقف على ثمرته وهو الإيراد المذكور، صار علم البيان متوقفا على شيئين ثمرته وثمرة علم المعانى التى توقف عليها ثمرته؛ لأن المتوقف على المتوقف على شىء متوقف على ذلك الشىء، وحيث كان علم البيان متوقفا على شيئين، وعلم المعانى متوقفا على واحد منهما صار علم المعانى بمنزلة الجزء من علم البيان، والجزء مقدم على الكل طبعا، فقدم علم المعانى لذلك وضعا، والحاصل أن ثمرة علم المعانى التى هى رعاية المطابقة شديدة الارتباط به؛ لأنها المقصودة منه حتى كأنها هو، وهى تشبه الجزء من علم البيان لتوقفه عليها من حيث اعتبار ثمرته والاعتداد بها، ويتوقف على غيرها أيضا: كإيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة الوضوح والخفاء، وما يتوقف عليه الشىء يشبه جزأه بجامع التوقف عليه فى الجملة، فتلك الرعاية وذلك الإيراد يشبهان أجزاء علم البيان لتوقفه عليهما، فكان علم المعانى بمنزلة الجزء لكون ثمرته المقصود منه كالجزء، وإنما قلنا إنها تشبه الجزء؛ لأنها ليست جزءا حقيقة للبيان، لأنه ليس عبارة عنها مع شىء آخر، وإنما قلنا من حيث اعتبار ثمرته والاعتداد بها؛ لأن تحققه وحصوله لا يتوقف على رعاية المطابقة؛ لأنه يمكن تحقق ملكة يقتدر بها على إيراد المعنى الواحد بالطرق المذكورة من غير رعاية للمطابقة، ولا شك أن هذه الملكة تسمى علم البيان.
إذا علمت هذا، فقول الشارح لكونه منه بمنزلة المفرد من المركب: كلمة من فى الموضعين ابتدائية، إلا أن الابتداء باعتبار الاتصال، لا أنها ابتدائية محضة؛ لأن مجرورها ليس مبدأ ومنشأ لنفس ما قبلها، بل متصل به، والمعنى لكون المعانى حال كونه ناشئا من البيان أى: متصلا به بمنزلة المفرد حال كونه ناشئا من المركب أى: متصلا به، وملخصه: أن اتصال المعانى بالبيان ونسبته إليه: كاتصال المفرد بالمركب، ونسبته إليه من جهة التوقف على كل، وإن كان توقف المركب على المفرد من جهة كونه جزءا