===
(قوله: الفن الأول علم المعاني) أورد عليه أن هذا إخبار بمعلوم فلا فائدة فيه، وذلك لأنه قال أولا وما يحترز به عن الأول أى: الخطأ فى تأدية المعنى المراد علم المعاني، وما يحترز به عن التعقيد المعنوى فهو علم البيان، وما يعرف به وجوه التحسين فهو علم البديع، فقد علم من هذا أن الفن الأول علم المعاني، فقوله بعد ذلك الفن الأول علم المعاني: إخبار بمعلوم فلا فائدة فيه، وأجاب بعضهم بأنه طال العهد بالنسبة للعلمين الأخيرين أوقع الحمل هناك وأجرى ما هنا عليه لتكون التراجم الثلاثة على نسق واحد، والأحسن ما قاله بعضهم: أنه ليس المراد بالأول هنا الأول فى قوله: سابقا وما يحترز به عن الأول إلخ، بل المراد بقوله: الفن الأول أى: الواقع فى المرتبة الأولى من الكتاب، وكذا يقال فى الثانى والثالث، ولما كان مظنة أن يقع اشتباه فى أن الفن الأول والثانى والثالث، أى شىء هو حمل علم المعانى على الفن الأول وعلم البيان على الفن الثانى وعلم البديع على الفن الثالث؛ إزالة لذلك الاشتباه، فظهر لك أن الحمل مفيد، واندفع ما سبق وإلى بعض الأوهام من عدم صحة الحمل، وأنه ينبغى أن يعكس بحيث يحمل الفن الأول على علم المعاني؛ لأن علم المعانى قد علم من قوله قريبا؛ وما يحترز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد علم المعاني، والمعلوم بجعل محكوما عليه، ولا يقال: إن المتعارف عدم كون المبتدأ عرف من المسند إليه، فما ذكرته من جعل علم المعانى خبرا خلاف المتعارف؛ لأن الفن الأول من قبيل المحلى بأل، وعلم المعانى معرفة بالعلمية، والعلم أعرف منه؛ لأنا نقول: المسند إليه هنا مساو للمسند فى التعريف؛ لأن مدخول أل العهدية فى حكم علم الشخص، ولا يصح أن يجعل الفن الأول خبرا مقدما، وعلم المعانى مبتدأ مؤخرا؛ لأن الخبر هنا واجب التأخير لاستواء الجزأين فى التعريف من غير قرينة، كما أشار إليه فى الخلاصة بقوله: