وبعد: فيقول الفقير إلى الله ...
===
كذا قرر شيخنا العلامة العدوى، ولا يخفى ما فى كلام الشارح من التلميح، وهو الإشارة لشيء من كلام الله أو كلام رسوله أو قصة أو مثل، فذكر السبق إشارة لقوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (?)، وذكر البراعة إشارة لقوله عليه الصلاة والسّلام:
" لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما ساوى مدّ أحدهم ولا نصفيه" (?).
(قوله: وبعد ... إلخ) هو ظرف زمان مبنى على الضمّ لقطعه عن الإضافة لفظا لا معنى، أى: بعد البسملة والحمدلة والصلاة، ودخول الفاء على توهّم" أمّا" فى الكلام، والواو عاطفة قصة على قصة أو للاستئناف: إما النحوى وهو ظاهر، أو البيانى فتكون الجملة واقعة فى جواب سؤال مقدّر، أى: ماذا تقول بعد البسملة والحمدلة والصلاة؟
فأجاب بقوله: وبعد فيقول ... إلخ، وعلى هذا الاحتمال- أعنى كون" أما" متوهمة والواو عاطفة أو استثنائية- فالظرف معمول ل" يقول"، ويحتمل أن تكون" أما" مقدّرة فى نظم الكلام والواو عوض عنها، وعلى هذا الاحتمال فعامل" بعد" أما المحذوفة لنيابتها عن فعل الشرط أو فعل الشرط المقدر بمهما يكن من شيء أو جوابه، وهو يقول.
(قوله: فيقول) مقتضى الظاهر أن يعبّر ب" أقول" لكنه التفت من المتكلم فى" نحمدك" إلى الغيبة؛ توصلا للوصف بالعبودية التى هى أشرف الأوصاف، ولو عبر بما يقتضيه الظاهر وأتى بذلك الوصف لكانت جملته فضلة، واللائق بذلك الوصف أن تكون جملته عمدة.
(قوله: الفقير) فعيل بمعنى مفتقر، وصيغة فعيل تأتى للمبالغة وصفة مشبهة، وهى هنا للمعنيين؛ بناء على جواز استعمال المشترك فى معنييه، وحينئذ فالمعنى:
كثير الفقر ودائمه، وهذا الوصف لازم لكل أحد لا ينفك عنه، قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ (?) وهذا معنى البطلان فى قول لبيد (?):