حتى يمكن حصولها، كما يقال مرجع الجود إلى الغنى (إلى الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد) ...

===

بمعنى الرجوع، إذ لو حمل المرجع على ما مر لكان المعنى مكان رجوع البلاغة منته إلى الاحتراز والتمييز، أو الأمر الذى رجع إليه البلاغة منته إلى الاحتراز والتمييز، وهذا فاسد للزوم انتهاء الشىء إلى نفسه؛ لأن المرجع هو نفس الاحتراز والتمييز، أجيب بأنه لا مانع من جعله اسم مكان أو اسم مفعول، ومعنى انتهائه إلى الاحتراز، والتمييز تحققه فيهما من تحقق العام فى الخاص، أفاده عبد الحكيم وذكر العلامة الحفيد أن هذا التفسير الذى ذكره الشارح بيان لمجموع الكلام بحسب المآل لا لمجرد المرجع، وذلك لان مآل رجوع البلاغة إلى الاحتراز والتمييز أنه لا بد من حصولهما فى تحقق البلاغة، وهذا لا ينافى أن (مرجع) فى كلام المصنف مصدر ميمى بمعنى الرجوع بدليل تعبيره بإلى

(قوله: حتى يمكن حصولها) المراد هنا بالإمكان: الإمكان الوقوعى وهو الحصول بالفعل، لا الإمكان الذاتي، وهو الجواز العقلى، فكأنه قال لأجل أن تحصل بالفعل، وحينئذ فلا يرد أن الإمكان للمكن لا يتوقف على شىء؛ لأن ذلك إنما هو فى الإمكان الذاتى

(قوله: مرجع الجود إلى الغنى) أى: ما يجب أن يحصل حتى يحصل الجود هو الغنى، بمعنى أنه لا يحصل الجود إلا إذا كان الغنى حاصلا بالفعل، وأورد على هذا قول الشاعر (?):

ليس العطاء مع الفضول سماحة ... حتى تجود وما لديك قليل

فقد سمى الإعطاء مع قلة المال جودا، وقلة المال ليست غنى، وحاصل الجواب أن مراد الشارح بالغنى: وجود الشىء الذى يجود منه مطلقا، وإن كان قليلا

(قوله: إلى الاحتراز) أى: التباعد عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد فإذا قلت لمنكر قيام زيد: زيد قائم، فقد أخطأت فى تأدية المعنى المراد عند البلغاء، فلا يكون الكلام بليغا ولا تكون التأدية للمعنى صحيحة عندهم، إلا إذا كان الكلام مطابقا لمقتضى الحال، فإذا كان مطابقا كان مؤديا للمعنى المراد عند البلغاء ولم يكن فيه خطأ، والمعنى المراد هو الزائد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015