لجواز أن يكون كلام فصيح غير مطابق لمقتضى الحال، وكذا يجوز أن يكون لأحد ملكة يقتدر بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح من غير مطابقة لمقتضى الحال (و) علم أيضا ...

===

ليس كل فصيح بليغا بالإمكان، أو الضرورة وإلا فسد التعليل

(قوله: لجواز إلخ) هذا بيان لانفراد فصاحة الكلام عن البلاغة وذلك كما إذا قيل لمنكر قيام زيد: زيد قائم من غير توكيد، وقوله كذا يجوز إلخ: بيان لانفراد فصاحة المتكلم عن البلاغة، وذلك بأن يكون الإنسان ملكة يقتدر بها على كلام فصيح مثل: زيد قائم الملقى للمنكر من غير أن يقتدر بها على مراعاة الخواص المناسبة للحال.

(قوله: وعلم أيضا) أى: من تعريف الفصاحة والبلاغة، أن مرجع البلاغة إلخ، وحاصل ما فى المقام أن الفصاحة والبلاغة يتوقفان على أمور: الاحتراز عن تنافر الحروف، وعن الغرابة، وعن مخالفة القياس، وعن تنافر الكلمات، وعن ضعف التأليف، وعن التعقيد اللفظى، وعن التعقيد المعنوى، وتزيد البلاغة بتوقفها على الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد، فمتى فقد الاحتراز عن واحد من الأمور السبعة الأولى- انتفت الفصاحة فتنتفى البلاغة لتوقفها عليها، ومتى فقد الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد، كما لو كان الكلام غير مطابق لمقتضى الحال كان الكلام غير بليغ، ولو كان فصيحا، والاحتراز عن الغرابة يكون بعلم اللغة، والاحتراز عن مخالفة القياس يكون بعلم الصرف، والاحتراز عن ضعف التأليف، وعن التعقيد اللفظى يكون بعلم النحو، والاحتراز عن تنافر الحروف، وعن تنافر الكلمات يكون بالذوق السليم، والاحتراز عن التعقيد المعنوى يكون بعلم البيان، والاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد يكون بعلم المعاني، وأما الوجوه التى تورث الكلام حسنا زائدا فتعرف بعلم البديع.

إذا علمت ذلك تعلم أن مراجع البلاغة أى: الأمور التى يتوقف عليها حصول البلاغة شيئان: الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد.

والاحتراز عن الأسباب المخلة بالفصاحة، وهذا الثانى يندرج تحته الاحتراز عن الأمور السبعة المذكورة، وقصد المصنف بهذا الكلام التمهيد لبيان وجه الحاجة إلى هذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015