وأمثال ذلك أشار إلى إزالة هذا الخفاء بقوله (يظهر ذلك بالتأمل مع التذكر لما تقدم) من الأصول والقواعد المذكورة فى الفنون الثلاثة التى لا يمكن الاطّلاع على تفاصيلها وتفاريعها إلا لعلّام الغيوب فإنه يظهر بتذكرها أن كلّا من ذلك وقع موقعه بالنظر إلى مقتضيات الأحوال وأن كلّا من السور بالنسبة إلى المعنى الذى يتضمنه مشتملة على لطف الفاتحة ومنطوية على حسن الخاتمة.
===
براءة
(قوله: وأمثال ذلك) أى: مثل ذكر الغضب والذم وذكر الأهوال وما مثلها فى الابتداء كقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (?) وكما فى أول القارعة وقوله تعالى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (?) وقوله: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ. لِلْكافِرينَ (?) وذكرها فى الخواتم كقوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (?) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (?)
(قوله: يظهر ذلك) أى: كون الفواتح والخواتم واردة على أحسن الوجوه وأكملها (وقوله: بالتأمل) أى: فى معانى الفواتح والخواتم
(قوله: مع التذكر لما تقدم من الأصول والقواعد المذكورة فى الفنون الثلاثة) أى: الدالة وعلى وجه الحسن وإن لكل مقام خطابا يناسبه، وأن هذا المقام يناسبه من الخطاب كذا وهذا هو المراد بتفاريعها وتفاصيلها، فالمراد بتفاريعها الفروع المستنبطة منها ككون مقام كذا يناسبه من الخطاب كذا
(قوله: والقواعد) عطف تفسير (وقوله:
التى لا يمكن إلخ) نعت للأصول والقواعد المذكورة كما هو ظاهر.
(قوله: فإنه يظهر بتذكرها) أى بتذكر ما مرّ من الأصول والقواعد (وقوله: أن كلّا من ذلك) أى مما ذكر من الأهوال والأفزاع وأحوال الكفار وأمثال ذلك
(قوله: مشتملة) راعى المعنى فأنّث (وقوله: على لطف الفاتحة) أى على لطف ما افتتح به (وقوله:
وحسن الخاتمة) أى ما اختتمت به والوقوف على ذلك لمن نوّر الله بصيرته. مثلا سورة براءة لما نزلت بمنابذة الكفار ومقاطعتهم بدئت بما يناسب ذلك من الأمر بقتالهم