من ظاهر العبارة أن المزاوجة هى أن يجمع بين معنيين فى الشرط ومعنيين فى الجزاء كما جمع فى الشرط بين نهى الناهى ولجاج الهوى، وفى الجزاء بين إصاختها إلى الواشى ولجاج الهجر؛ وهو فاسد إذ لا قائل بالمزواجة فى مثل قولنا: إذ جاءنى زيد فسلم على أجلسته، وأنعمت عليه؛ وما ذكرنا هو المأخوذ من كلام السلف.

===

ما فى ترتب لجاج الهوى على النهى من المبالغة فى الحب لاقتضائه إن ذكرها ولو على وجه العيب يزيد حبها ويثيره كما قال: (?)

أجد الملامة فى هواك لذيذة ... حبّا لذكرك فليلمنى الّلوّم

وما فى ترتب لزوم الهجران على وشى الواشى من المبالغة فى ضعف حبها، وأنه على شفا إذ يزيله مطلق الوشى فكيف يكون الأمر لو سمعت أو رأت عيبا كما قال:

ولا خير فى ودّ ضعيف تزيله ... هواتف وهم كلّما عرضت جفا

والمبالغتان مما يستحسن فى كل من المحب والمحبوب، فمن شأن العاشق أن يوصف بمثل ما ذكر ومن شأن المعشوق أن يوصف بالعكس تحقيقا لمعنى العشق، وإلا كان مكافأة ومجازاة فى الود فلا يكون من العشق فى شىء.

(قوله: من ظاهر العبارة) أى: لأن ظاهرها أن قوله فى الشرط والجزاء ظرف ليزاوج

(قوله: إذ لا قائل إلخ) أى: لأنه لا بد فيها أن يكون المرتب على المعنيين الواقعين فى الشرط والجزاء واحدا وهنا المرتب على المجىء غير المرتب على الإجلاس

(قوله: إذا جاءنى إلخ) أى: فقد جمع هنا بين معنيين فى الشرط وهما مجىء زيد وسلامه عليه ومعنيين فى الجزاء وهما إجلاسه وإنعامه عليه ومن جملة أمثلتها قول الشاعر:

إذا احتربت يوما ففاضت دماؤها ... تذكّرت القربى ففاضت دموعها (?)

احتربت بمعنى تحاربت والضمير فى تحاربت وفى دماؤها وفى دموعها للفرسان فى البيت السابق، والمعنى: إذا تحاربت هذه الفرسان وتقاتلوا فاضت دماؤها التى سكبوها فى القتال، ثم إذا تذكرت ما بينهم من القرابة الجامعة لهم فاضت دموعها على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015