(وإن أردتهما) أى: أردت المخاطب وإنسانا آخر معه جميعا (كان كناية) لأنك أردت باللفظ المعنى الأصلى وغيره معه، والمجاز ينافى إرادة المعنى الأصلى (ولا بد فيهما) أى: فى الصورتين (من قرينة) دالة على أن المراد فى الصورة الأولى هو الإنسان الذى مع المخاطب وحده ليكون مجازا، وفى الثانية كلاهما جميعا ليكون كناية، وتحقيق ذلك أن قولك: آذيتنى فستعرف- كلام دال على تهديد المخاطب بسبب الإيذاء، ويلزم منه تهديد كل من صدر عنه الإيذاء، فإن استعملته وأردت به تهديد المخاطب وغيره من المؤذين كان كناية، وإن أردت به تهديد غير المخاطب بسبب الإيذاء لعلاقة اشتراكه للمخاطب فى الإيذاء؛ إما تحقيقا، وإما فرضا وتقديرا مع قرينة دالة على عدم إرادة المخاطب كان مجازا.

===

(قوله: وإن أردتهما كان كناية) أى: وإن أردتهما بتاء الخطاب بقرينة قوله قبل: وأنت تريد بتاء الخطاب- يعنى أن الكلام التعريضى قد يكون كناية، حيث لم تقم قرينة على عدم صحة إرادة المعنى الأصلى، بل قامت على إرادة الأصلى وغيره، وذلك كقولك:

آذيتنى فستعرف، والحال أنك أردت تهديد المخاطب وإنسانا آخر معه، فحيث أردتهما بهذا الخطاب كان كناية؛ لأن الكناية هى اللفظ الذى يجوز أن يراد به المعنى الحقيقى ولازمه، والمجاز لا يراد به إلا اللازم كما تقدم، وأنت خبير بأنه إذا أريد بتاء الخطاب الأمران معا كان اللفظ مستعملا فى المعنى الحقيقى والمعنى المجازى، وهو ممنوع عند البيانيين، إلا أن يقال: إرادة المعنى الحقيقى هنا للانتقال لغيره، وإن كان كل منهما هنا مقصودا بالإثبات، والظاهر أنهم لا يسمحون بذلك كما فى سم.

(قوله: ولا بد فيهما من قرينة) أى: وإذا كان التعريض يكون مجازا ويكون كناية فلا بد فى الصورتين السابقتين وهما صورة المجاز وصورة الكناية من قرينة تميز إحداهما من الأخرى، حيث اتحد لفظهما وإنما اختلفا فى الإرادة، فإذا وجدت القرينة الدالة على أن المهدد هو غير المخاطب فقط- كأن يكون المخاطب صديقا وغير مؤذ- كان اللفظ مجازا، وإذا وجدت القرينة الدالة على أنهما هددا معا- كأن يكونا معا عدوين للمتكلم ومؤذيين له، ويعلم عرفا أن ما يعامل به أحدهما يعامل به الآخر- كان اللفظ كناية.

(قوله: وتحقيق ذلك) أى: وبيان ذلك الكلام على الوجه الحق، وهذا جواب عما يقال: لا نسلم أن (آذيتنى فستعرف)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015