فيما شاع من كلام الفصحاء؛ إذ لا نزاع فى عدم شيوع مثل: أظفار المنية الشبيهة بالسبع، وإنما الكلام فى الصحة، وأما وجود الاستعارة بالكناية بدون التخييلية فشائع؛ على ما قرره صاحب الكشاف فى قوله تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ (?)، وصاحب المفتاح فى مثل: أنبت الربيع البقل؛ فصار الحاصل من مذهبه أن قرينة الاستعارة بالكناية قد تكون استعارة تخييلية؛ مثل: أظفار المنية، ونطقت الحال، وقد تكون استعارة تحقيقية على ما ذكر فى قوله تعالى: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ (?) أن البلع استعارة عن غور الماء فى الأرض، ...
===
خبير بأن هذا الحمل يعكر على ما تقدم للشارح من أن قول القائل: إن قول السكاكى المذكور معناه استلزام التخييلية للمكنية مما تبين فساده، فقد جعل ذلك الحمل فاسدا فيما تقدم ومشى عليه هنا
(قوله: فيما شاع) إشارة لجواب عما يقال كيف نقول: إن التخييلية لا توجد بدون المكنية مع أنها وجدت فى قولك: أظفار المنية الشبيهة بالسبع أهلكت فلانا؟ وحاصل الجواب أن المنفى الوجود الشائع الفصيح لا مطلق الوجود
(قوله: إذ لا نزاع) أى: وإنما قيدنا بقولنا: فيما شاع؛ لأنه لا نزاع ولا خلاف فى عدم شيوع إلخ
(قوله: وإنما الكلام فى الصحة) أى: وإنما الخلاف فى صحة ذلك المثال فعند السكاكى هو صحيح وعند القوم لا يصح، إلا إذا جعل الأظفار ترشيحا للتشبيه لا على أنه تخييلية
(قوله: فشائع) أى: وحينئذ فلا يصح الاعتراض بوجود المكنية بدون التخييلية
(قوله: ينقضون عهد الله) أى فقد ذكر أن العهد مشبه بالحيل على طريق المكنية، وينقضون مستعار ليبطلون استعارة تحقيقية قرينة للمكنية، فقد وجدت المكنية بدون التخييلية
(قوله: أنبت الربيع البقل) فقد ذكر أن الربيع شبه بالفاعل الحقيقى على طريق المكنية، وأن الإنبات قرينة لها وهو حقيقة، فقد وجدت المكنية بدون التخييلية
(قوله: فصار الحاصل من مذهبه) أى: من مذهب السكاكى فى قرينة المكنية باعتبار ما ذكره فى أماكن متعددة
(قوله: ابلعى ماءك) أى: غورى ماءك
(قوله: عن غور الماء) أى: لغور الماء وهو منقول عن إدخال الطعام للجوف من الحلق.