ومقدمة الكتاب لطائفة من كلامه قدمت أمام المقصود لارتباط له بها وانتفاع بها فيه، ...
===
جميع المبادئ وحاصل ما فى المقام أن العلم لغة: الإدراك، ثم نقل فى العرف إلى معلومات تصورية أو تصديقية هى مسائل كثيرة مضبوطة بجهة واحدة، ولا شك أن الشروع فى تحصيل تلك المعلومات موقوف على تصورها بوجه، وهو التصور الإجمالى لامتناع توجه النفس نحو المجهول المطلق، فيمتنع الشروع فيها بدونه، والشروع فيها على بصيرة يتوقف على تصورها بتلك الجهة، ويتوقف أيضا على معان أخر خارجة عن تلك المعلومات:
كمعرفة الغاية والموضوع والفائدة، وغير ذلك من بقية المبادئ العشرة، فسموا هذه مقدمة العلم لتوقف أصل الشروع، والشروع على وجه البصيرة عليها.
(قوله: ومقدمة الكتاب) عطف على مقدمة العلم. (وقوله: لطائفة) أى:
لجماعة عطف على قوله: لما يتوقف من عطف المفردات أى: أن لفظ مقدمة إذا أضيفت للكتاب تطلق إلخ (وقوله: من كلامه) أى من كلام الكتاب وإضافة كلام للضمير من إضافة العام للخاص فهى للبيان، والمعنى لطائفة منه، وإنما لم يقل هكذا؛ لأن ذكر العام أولا ثم بيانه بالخاص بعد ذلك أوقع فى النفس.
(قوله: قدمت أمام المقصود) أى: جعلت أمامه فلا بد من التجريد فى قدمت عن بعض معناه، وإلا كان فيه ركة لتكرر قوله أمام المقصود معه.
(قوله: لارتباط له بها) أى: لا ارتباط للمقصود بها. أى: بتلك الطائفة. أى: بمعانيها، أو يقال إن طريق الإفادة والاستفادة لما كانت هى الألفاظ لم يحتج لتقدير كما أفاده الفنرى، وإنما اعتبر الارتباط فى جانب المقصود دون المقدمة نظرا إلى أنه موقوف عليها، والموقوف هو المرتبط، وقوله لا ارتباط له بها أى: سواء توقف الشروع فى مسائل الفن على معناها بأن كان مدلولها مقدمة علم أم لا.
(قوله: وانتفاع إلخ) عطف سبب على مسبب، وعلم مما ذكر أن مقدمة العلم ومقدمة الكتاب ألفاظ، ولا يقال إن هذه التفرقة تحكم لا مرجح لها؛ لأنا نقول: إن مقدمة العلم لما كانت منضبطة غير مختلفة التفت فى جانبها للمعاني، ولما كانت معانى مقدمة الكتب مختلفة التفت فى