فإنه لا مقتضى لإيرادها بلفظ المعرفة فى هذا المقام، والخلاف فى أن تنوينها ...
===
فعلم أن مقصود الكتاب فنون ثلاثة موصوفة بالأولية، والثانوية، والثالثية، وأنها علم المعانى والبيان والبديع، إلا أن النسبة بينها مجهولة إذ لا يعلم أن الفن الأول هو علم المعانى أو البيان أو البديع، فيقال لإفادة النسبة الفن الأول. أى: من الفنون التى علم انحصار مقصود الكتاب فيها علم المعاني، والفن الثانى علم البيان، والفن الثالث علم البديع، فهذه التراكيب الثلاثة من قبيل قولنا: المنطلق زيد من جهة أن كلا من طرفى الجملة معلوم، والمجهول الانتساب، فتدبر ذلك. أفاد ذلك العلامة عبد الحكيم والفنارى (?)، وأجاب الحفيد وغيره بما حاصله أن (أل) التى للعهد الذكرى هى التى تقدم مصحوبها صريحا، أو كناية كما يأتي، وما هنا من قبيل الثاني، لأن الفن الأول والثانى والثالث قد ذكرت سابقا بعنوان ما يحترز به عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد، وما يحترز به عن الخطأ فى التعقيد المعنوى، وما يعرف به وجوه التحسين، فإن هذه الأمور مشهورة الإتصاف بالعنوان المذكور. أى: الفن الاول، والفن الثاني، والفن الثالث؛ إذ مدلول الفن الأول القواعد المخصوصة، وكذا مدلول الفن الثانى والثالث؛ فيكون من التقديم الكنائى على حد قوله تعالى: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى (?) فإنه إشارة لما سبق ذكره كناية فى قوله: رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً (?) فإن لفظ ما وإن كان يعم الذكور والإناث، لكن التحرير وهو أن يعتق الولد لخدمة بيت المقدس إنما كان للذكور دون الإناث، وكذلك الفن الأول إشارة إلى ما سبق ذكره كناية فى قوله: وما يحترز به عن الخطأ إلخ؛ فإن ما وإن كانت تعم الفن الأول وغيره، ولكن الاحتراز عن الخطأ المذكور إنما هو بالفن الأول، وكذا يقال فى الفن الثانى والثالث.
(قوله: فإنه لا مقتضى إلخ) أى: فنكرها لأن الأصل فى الأسماء التنكير، ولا مقتضى للعدول عنه إلى