وحذف المفعول الأول هاهنا، والمعنى: لم أمنعك جهدا (فى تحقيقه) أى: المختصر (وتهذيبه) أى: تنقيحه، (ورتبته) أى: المختصر (ترتيبا أقرب تناولا) ...
===
آل بمعنى أمنع على طريق الاستعارة التبعية. (فقوله: وقد استعمل إلخ: ) إضراب عما تقدم الذى هو المعنى الحقيقى إشارة إلى أن المراد من الألو هنا معناه المجازى، وهو المنع لما قلناه ولاشتهاره فيه، والمجاز المشهور مقدم على الحقيقة الغير المشهورة عند بعض الأصوليين.
(قوله: وحذف إلخ) عطف على محذوف أى: واستعمله المصنف هنا كذلك وحذف إلخ، والمراد بالحذف هنا لازمه وهو الترك فلا يقال: إن الحذف يقتضى ذكر الشيء أولا، فيقتضى أن المصنف قد ذكر المفعول الأول ثم حذفه بعد ذلك وليس كذلك، وإنما حذف المصنف المفعول الأول وهو الكاف لكونه غير مقصود بخصوصه، فحذف للعموم؛ لأن المعنى لم أمنع أحدا، فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون آل فى كلام المصنف متعديا لمفعول واحد لتضمينه معنى أترك، أو التجوز بالألو عنه فى تحقيقه، ولا يكون فى الكلام حذف على ما هو الأصل؟ قلت: المانع من ذلك أمران: الأول:
اشتهار استعمال الألو بمعنى المنع، وعدم اشتهار استعماله بمعنى الترك. الثاني: أنه لو كان الألو هنا بمعنى الترك لكان المعنى لم أترك اجتهادى فى تحقيقه بل اجتهدت فيه، وهذا لا يفيد أنه بذل كل الاجتهاد فى ذلك وهذا خلاف المقصود؛ إذ المقصود أنه بذل كل الجهد فى تحقيقه، وهذا إنما يفيده جعل آل بمعنى أمنع، تأمل
(قوله: لم أمنعك) الخطاب لغير معين أى: لم أمنع أحدا اجتهادى فى تحقيقه، بل بذلت وسعى وطاقتى فى ذلك.
(قوله: فى تحقيقه) متعلق بلم آل باعتبار أن معناه بذلت وسعى لا بجهدا لعدم جزالة المعنى كذا قال بعضهم وتأمله
(قوله: فى تحقيقه) أى: المختصر وفيه أن التحقيق هو إثبات المسألة بالدليل، والمختصر ألفاظ لا تثبت بدليل؛ إذ الذى يثبت به إنما هو المعانى، وأجيب بأن فى الكلام حذف مضاف، أى: فى تحقيق مدلوله، فالتحقيق من أوصاف المعانى كما أن التهذيب من أوصاف اللفظ؛ لأنه تخليص اللفظ من الحشو.