وضع كل شىء فى مرتبته، (و) لكونه (أتمها تحريرا) هو تهذيب الكلام، (وأكثرها) أى: أكثر الكتب (للأصول) هو ...
===
وفصوله ومسائله، فاندفع ما يقال: إن الترتيب شيء واحد وهو جعل كل شيء فى مرتبته، وإذا كانت الكتب المشهورة مشتملة عليه كما يقتضيه أفعل التفضيل- أعني:
أحسن- لم يتصور أن يكون القسم الثالث أحسن ترتيبا، ثم إن اشتمال القسم الثالث على الحشو والتطويل- كما يصرح به- لا يخلّ بحسن الترتيب؛ لجواز أن تقع المسألة موقعها اللائق بها جدّا، وتكون مع ذلك مشتملة على زيادة، لا سيما إذا كان ذلك الحسن بالقياس إلى كتب أخر.
(قوله: وضع كل شيء فى مرتبته) هذا التعريف مشكل؛ لأن الضمير فى" مرتبته" إن عاد على" كل" لزم أن يكون كل شيء فى مرتبة كل شيء، فيكون الشيء موضوعا فى مرتبته ومرتبة ما سواه، وهو لا يصح، وإن كان عائدا على" شيء" لزم أن تكون جميع الأفراد موضوعة فى مرتبة شيء واحد، وهو لا يصح أيضا، وأجيب: بأنا نختار أن الضمير راجع ل" كل"، وإضافة المرتبة للعموم؛ لأنه مفرد مضاف، والمراد: المراتب اللائقة بها، فالمعنى: وضع الأشياء فى مراتبها اللائقة بها، وهو من مقابلة الجمع بالجمع، فيقتضى القسمة على الآحاد، فكأنه قيل: وضع هذا الفرد فى مرتبته اللائقة به وهكذا، وهو ظاهر، وأجاب العلامة عبد الحكيم بما حاصله: أن الضمير راجع ل" شيء"، والعموم المستفاد من" كل" يعتبر بعد إرجاع ضمير" مرتبته" إلى" شيء"، فالمعنى: وضع شيء فى مرتبته، أىّ شيء كان.
(قوله: أتمها تحريرا) هذا يفيد أن غيره من الكتب موصوف بتمام التحرير، وأن القسم الثالث موصوف بزيادة التمام، ويرد عليه أن تمام التحرير ينافى وقوع الحشو والتطويل والتعقيد فيه، وأن التمام لا يقبل الزيادة؛ لأنه نهاية الشىء، وحينئذ فلا يصح التفضيل؛ على أن اسم التفضيل إنما يصاغ مما يقبل الفضل والزيادة، والجواب عن الأمرين:
أن المراد بالتمام الثابت لتلك الكتب: القرب إليه، مجازا، والقريب إلى التمام يقبل الزيادة، فلا ينافى وقوع الأمور الثلاثة، ولا صوغ اسم التفضيل.
(قوله: هو تهذيب الكلام) أى: تخليصه من الزوائد، وكونه أتم بالنسبة إليها لا ينافى اشتماله على الحشو والتطويل فى نفسه كما سيذكر، وما ذكره من أن التحرير: وهو