أَمَّا مَنْ قَصُرَ سَفَرُهُ وَقَوِيَ عَلَى الْمَشْيِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ فَيُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ.

(وَشُرِطَ كَوْنُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ مُؤْنَةٍ وَغَيْرِهَا (فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) ذَهَابَهَ وَإِيَابَهُ (وَغَيْرِهَا مِمَّا) ذُكِرَ (فِي الْفِطْرَةِ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتُسَمَّى الْآنَ بِالْمَحَارَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَتُسَمَّى فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ بِالْجِعْفَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ قَصُرَ سَفَرُهُ. . . إلَخْ) .

قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَرَفَاتٍ أَكْثَرُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ يَسِيرَةٌ إذْ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَعَرَفَةَ سَهْلٌ مَشَقَّتُهُ مُحْتَمَلَةٌ وَلَا يُخْشَى مِنْ الِانْقِطَاعِ فِيهِ مَا يُخْشَى مِنْ الِانْقِطَاعِ فِي غَيْرِهِ غَالِبًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَوِيَ عَلَى الْمَشْيِ) أَشْعَرَ تَعْبِيرُهُ بِالْمَشْيِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَبْوُ وَلَا الزَّحْفُ وَإِنْ أَطَاقَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ مِنْ الشِّقِّ وَالْعَدِيلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَشْيِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ أَيْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ فَيُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ أَيْ الْمَشْيُ وَلَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ الْمَشْيِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالرُّكُوبُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ لِلِاتِّبَاعِ، وَالْأَفْضَلُ أَيْضًا لِمَنْ قَدَرَ أَنْ يَرْكَبَ عَلَى الْقَتَبِ، وَالرَّحْلِ فِعْلُ ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَصِّلَ مَرْكُوبًا قَوِيًّا وَطَيًّا، وَالرُّكُوبُ فِي الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّ رَاكِبًا وَكَانَتْ رَاحِلَتُهُ زَامِلَةً» وَيُسْتَحَبُّ الْحَجُّ عَلَى الرَّحْلِ وَالْقَتَبِ دُونَ الْمَحَامِلِ وَالْهَوَادِجِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَلَا يَلِيقُ بِالْحَاجِّ غَيْرُ التَّوَاضُعِ فِي جَمِيعِ هَيْئَاتِهِ وَأَحْوَالِهِ فِي جَمِيعِ سَفَرِهِ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا الْمَرْكُوبُ وَاَلَّذِي يَسْتَتِرُ بِهِ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ وَيَنْبَغِي إذَا اكْتَرَى أَنْ يُظْهِرَ لِلْجَمَّالِ جَمِيعَ مَا يُرِيدُ حَمْلَهُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَيَسْتَرْضِيَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ رُكُوبُ الرَّحْلِ وَالْقَتَبِ لِرِئَاسَتِهِ أَوْ ارْتِفَاعِ مَنْزِلَتِهِ بِنَسَبِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ شَرَفِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ ثَرْوَتِهِ أَوْ مُرُوءَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ أَهْلِ الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا فِي تَرْكِهِ السُّنَّةَ فِي اخْتِيَارِ الرَّحْلِ وَالْقَتَبِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْجَاهِلِ مِقْدَارَ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ وَمَعَ كَوْنِ الْمَشْيِ مَفْضُولًا لَوْ نَذَرَهُ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ كَسْرًا لِلنَّفْسِ وَهُوَ مَطْلُوبٌ وَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ إذَا لَمْ يَنْذِرْهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ مِنْهَا وَانْتِهَاؤُهُ بِانْتِهَاءِ التَّحَلُّلِ الثَّانِي وَتَمَامِ الْعُمْرَةِ، وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي خِلَالِ النُّسُكِ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ أَفْسَدَهُ وَجَبَ الْمَشْيُ فِي قَضَائِهِ لَا فِي مُضِيِّهِ فِي الْفَاسِدِ وَلَا فِي تَحَلُّلِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِذَا خَالَفَ مُقْتَضَى النَّذْرِ وَرَكِبَ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَمْ يَأْثَمْ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَثِمَ وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَالدَّمُ فِي الصُّورَتَيْنِ كَدَمِ التَّمَتُّعِ الْآتِي بَيَانُهُ وَكَمَا أَنَّ الْمَشْيَ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ كَذَلِكَ الرُّكُوبُ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ فَانْعِقَادُ نَذْرِهِ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَإِذَا أَخْلَفَ نَذْرَهُ فَمَشَى فَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي إخْلَافِ نَذْرِ الْمَشْيِ اهـ. مِنْ شَرْحِ ابْنِ الْجَمَالِ الْمَكِّيِّ عَلَى نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي لِدِمَاءِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مُؤْنَةٍ وَغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمُؤْنَةِ وَهُوَ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) عَبَّرَ بِمُؤْنَةٍ دُونَ نَفَقَةٍ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا غَيْرُهُ لِيَشْمَلَ أَيْضًا إعْفَافَ الْأَبِ وَأُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ لِحَاجَةِ مُمَوِّنِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَقَرِيبِهِ وَمَمْلُوكِهِ وَلِحَاجَةِ غَيْرِهِ إذَا تَعَيَّنَ الصَّرْفُ إلَيْهِ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) أَيْ وَكِسْوَتِهِمْ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْمُؤْنَةُ الْكُلْفَةُ تَقُولُ: مَأَنْتُهُ أَمْأَنُهُ كَسَأَلْتُهُ أَسْأَلُهُ، وَمُنْت أَمُونُ كَقُلْتُ أَقُولُ، وَيَدْخُلُ فِيهَا إعْفَافُ الْأَبِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِئَلَّا يَضِيعُوا فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» وَيَحْرُمُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْفَاضِلَ عَنْهَا لَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُهُمَا مِنْ جَوَازِ الْحَجِّ عِنْدَ فَقْدِ مُؤْنَةِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِجَعْلِهِمَا ذَلِكَ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ لَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يَتْرُكَ لَهُمْ نَفَقَةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُضَيِّعًا لَهُمْ كَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَتْرُكَ لَهُمْ. . . إلَخْ هَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْجِهَادِ مِنْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ لَهُمْ نَفَقَةَ يَوْمِ الْخُرُوجِ جَازَ سَفَرُهُ وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ.

وَكَذَا كِفَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ مَا نَصُّهُ: " وَلَوْ لَزِمَتْهُ كِفَايَةُ أَصْلِهِ احْتَاجَ إلَى إذْنِهِ إنْ لَمْ يُنِبْ مَنْ يَمُونُهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ لَزِمَتْ أَصْلُهُ مُؤْنَتُهُ امْتَنَعَ سَفَرُهُ إلَّا بِإِذْنِ فَرْعِهِ إنْ لَمْ يُنِبْ كَمَا مَرَّ ثُمَّ بَحَثَ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى نَفَقَةَ يَوْمٍ حَلَّ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ اهـ. وَفِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015