أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَجْزَأَهُمَا وَأَعَادَا السَّعْيَ.
(وَ) شُرِطَتْ الْمَذْكُورَاتُ (مَعَ اسْتِطَاعَةٍ لِوُجُوبٍ) فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبُ مُطَالَبَةٍ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكُفْرِ فَلَا أَثَرَ لَهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ النُّسُكَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ وَلَا عَلَى غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ فَلَيْسَ مُسْتَطِيعًا وَلَا فَرْضَ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ فَالْمَرَاتِبُ الْمَذْكُورَةُ أَرْبَعٌ: الصِّحَّةُ الْمُطْلَقَةُ وَصِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْوُقُوعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَالْوُجُوبُ.
(وَهِيَ) أَيْ الِاسْتِطَاعَةُ (نَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا (اسْتِطَاعَةٌ بِنَفْسِهِ وَشُرُوطُهَا) سَبْعَةٌ: أَحَدُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ لِلْإِفْسَادِ وَأُخْرَى لِلْفَوَاتِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ دَمٍ عَلَى الرَّقِيقِ قَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَنْ وَاجِبِ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَفْسَدَهُ وَإِلَّا وَجَبَ قَالَ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ بِهِ إذَا قَدَرَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقَةِ هِيَ عَلَيْهَا تَنْزِيلًا لِلْمُتَوَقَّعِ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ بَحْثَهُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ الثَّانِي أَيْضًا إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا التَّنْزِيلِ نَعَمْ يُؤَيِّدُهُ الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِفُحْشِ الْكُفْرِ وَمُنَافَاتِهِ لِلْعِبَادَةِ بِذَاتِهِ فَلَا يُقَاسُ غَيْرُهُ بِهِ قَالَ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّبِيِّ فِي حُكْمِهِ أَيْ تَفْصِيلِهِ السَّابِقِ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَوْ خَرَجَ بِهِ وَلِيُّهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَفَاقَ وَأَحْرَمَ وَأَتَى بِالْأَرْكَانِ مُفِيقًا أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَسَقَطَ عَنْ الْوَلِيِّ زِيَادَةُ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْوَلِيِّ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي إذْ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِسُقُوطِ الزِّيَادَةِ عَنْ الْوَلِيِّ لَا لِلْوُقُوعِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ إنْ كَانَتْ مُدَّةُ إقَامَةِ مَنْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الْحَجِّ وَوُجِدَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ الْبَاقِيَةُ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَإِلَّا فَلَا هَذَا وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ، وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُفِيقًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ، وَالطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ، وَالسَّعْيِ، وَلَوْ أَحْرَمَ كَافِرٌ مِنْ الْمِيقَاتِ إحْرَامًا بَاطِلًا أَوْ جَاوَزَهُ مَرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ لَزِمَهُ دَمٌ إنْ حَجَّ مِنْ سَنَتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَيْ إذَا جَاوَزَا مَعَ الْإِرَادَةِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ بِدُونِ إذْنِهِ انْتَهَتْ مَعَ بَعْضِ تَقْيِيدَاتٍ مِنْ حَوَاشِيهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَقَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمَا لَكِنْ تَجِبُ إعَادَةُ مَا مَضَى مِنْ الطَّوَافِ وَأَمَّا الْوُقُوفُ فَيَكْفِي فِيهِ لَحْظَةٌ وَقَوْلُهُ: وَأَعَادَا السَّعْيَ أَيْ إنْ كَانَ فَعَلَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحَاجِّ فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ رَاجِعَةٌ لِلْحَاجِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمَا) أَيْ وَيُعِيدَانِ مَا مَضَى قَبْلَ الْكَمَالِ اهـ. م ر وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْهُ سم اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ) فَيَلْزَمُهُ فِعْلُهُ إذَا أَسْلَمَ وَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَإِلَّا فَلَا يُقْضَى اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ. . . إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْمُبَعَّضِ إذَا كَانَتْ نَوْبَتُهُ تَسَعُ الْحَجَّ اهـ. ح ل وَأَقُولُ يَأْتِي فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ الْمُهَايَأَةَ وَيَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُهَايَأَةِ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَتُهُ أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُبَعَّضُ وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَنَوْبَةُ الْمُبَعَّضِ فِيهَا تَسَعُ الْحَجَّ فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ شَيْخِنَا ح ل أَقُولُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ لَا تَلْزَمُ بَلْ لِأَحَدِ الْمُتَهَايِئَيْنِ الرُّجُوعُ وَلَوْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْآخَرِ وَيَغْرَمُ لَهُ حِصَّةَ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَعَلَيْهِ فَمُجَرَّدُ الْمُهَايَأَةِ لَا يُفَوِّتُ اسْتِحْقَاقَ الْمَنْفَعَةِ بَلْ يَجُوزُ رُجُوعُ السَّيِّدِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حِصَّتِهِ وَيُمْنَعُ الْمُبَعَّضُ مِنْ اسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ فِي حِصَّتِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَالْمَرَاتِبُ الْمَذْكُورَةُ أَرْبَعٌ) زَادَ فِي الرَّوْضَةِ مَرْتَبَةً خَامِسَةً وَهِيَ صِحَّةُ النَّذْرِ وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ فَيَلْزَمُ ذِمَّةَ الرَّقِيقِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: اسْتِطَاعَةٌ بِنَفْسِهِ) أَيْ اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ بِنَفْسِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَشُرُوطُهَا) أَيْ الْأُمُورُ الَّتِي تَتَحَقَّقُ الِاسْتِطَاعَةُ بِهَا فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ إذْ تَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تُتَعَقَّلُ بَلْ تُوجَدُ خَارِجًا بِدُونِ السَّبْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ يُتَعَقَّلُ وَيَتَحَقَّقُ بِدُونِ الشُّرُوطِ، وَالِاسْتِطَاعَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِهَذِهِ الْأُمُورِ تَأَمَّلْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ بَلْ صَرِيحُهُ كَسَائِرِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُدْرَةِ وَلِيٍّ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ وَعَرَفَةَ فِي لَحْظَةِ كَرَامَةٍ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْأَمْرِ الظَّاهِرِ الْعَادِيِّ فَلَا يُخَاطَبُ بِالْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُقَدِّرَ كَالْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَهُوَ مَا سَأَذْكُرُهُ أَوَاخِرَ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي قَبْضِهِ مِنْ الْإِمْكَانِ الْعَادِيِّ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ اهـ حَجّ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضَ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ أَرْبَابِ الْخُطْوَةِ فَاخْتَارَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَيْهِ اهـ.، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَامِنٌ صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْإِيجَابِ فِي الْوَقْتِ أَيْ وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَلَوْ