وَتَرْجِيلِ شَعْرٍ (وَفِطْرٌ) بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ لِخَبَرِ «لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
(وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ لَزِمَهُ) الِاعْتِكَافُ يَوْمَ صَوْمِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَائِمًا عَنْ رَمَضَانَ أَمْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (أَوْ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ أَوْ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا (لَزِمَاهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِإِصْلَاحِ مَعَاشِهِ وَتَعَهُّدِ ضَيَاعِهِ، وَالْأَكْلُ، وَالشُّرْبُ وَغَسْلُ الْيَدِ.
وَالْأَوْلَى الْأَكْلُ فِي نَحْوِ سُفْرَةٍ، وَالْغُسْلُ فِي إنَاءٍ حَيْثُ يَبْعُدُ عَنْ نَظَرِ النَّاسِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُزْرِ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ كَالْحِرْفَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ وَتُكْرَهُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهِ بِلَا حَاجَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَيَحْرُمُ نَضْحُهُ بِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فِيهِ وإسْقَاطِ مَائِهِ فِي أَرْضِهِ فَقَدْ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ التَّوَضُّؤَ وَغَسْلَ الْيَدِ يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ فِيهِ بِخِلَافِ النَّضْحِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ قَصْدًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَالشَّيْءُ يُغْتَفَرُ فِيهِ ضِمْنًا مَا لَا يُغْتَفَرُ قَصْدًا وَبِأَنَّ مَاءَ الْوُضُوءِ بَعْضُهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَمَاءُ غَسْلِ الْيَدِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ بِخِلَافِ مَاءِ النَّضْحِ وَمَا تُقُرِّرَ فِي النَّضْحِ مِنْ الْحُرْمَةِ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ الْجَوَازَ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا لَوْ أَدَّى إلَى اسْتِقْذَارِهِ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَحْتَجِمَ أَوْ يَفْتَصِدَ فِيهِ فِي إنَاءِ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي الرَّوْضَةِ: أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمُلْحَقٌ بِهِمَا سَائِرُ الدِّمَاءِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْآدَمِيِّ كَالِاسْتِحَاضَةِ لِلْحَاجَةِ فَإِنْ لَوَّثَهُ أَوْ بَالَ أَوْ تَغَوَّطَ وَلَوْ فِي إنَاءٍ حَرُمَ وَلَوْ عَلَى نَحْوِ سَلَسٍ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ أَفْحَشُ مِنْ الدَّمِ إذْ لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ بِحَالٍ وَيَحْرُمُ أَيْضًا إدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ كَانَتْ فَلَا بِدَلِيلِ جَوَازِ إدْخَالِ النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسَةِ فِيهِ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ، وَالْأَوْلَى بِالْمُعْتَكِفِ الِاشْتِغَالُ بِالْعِبَادَةِ كَعِلْمٍ وَمُجَالَسَةِ أَهْلِهِ وَقِرَاءَةٍ وَسَمَاعِ نَحْوِ الْأَحَادِيثِ وَالرَّقَائِقِ أَيْ حِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ، وَالْمَغَازِي الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ وَيَحْتَمِلُهَا أَفْهَامُ الْعَامَّةِ أَمَّا قَصَصُ الْأَنْبِيَاءِ وَحِكَايَاتُهُمْ الْمَوْضُوعَةُ، وَفُتُوحُ الشَّامِ وَنَحْوهَا الْمَنْسُوبُ لِلْوَاقِدِيِّ فَتَحْرُمُ قِرَاءَتُهَا وَالِاسْتِمَاعُ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَتْ.
وَقَوْلُهُ: حَيْثُ يَبْعُدُ عَنْ نَظَرِ النَّاسِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ حَيْثُ قَالَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْكُلَ فِي سُفْرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَأَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ فِي طَسْتٍ وَنَحْوِهِ لِيَكُونَ أَنْظَفَ لِلْمَسْجِدِ وَأَصْوَنَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَنْ يَغْسِلَهَا حَيْثُ يَبْعُدُ عَنْ نَظَرِ النَّاسِ وَقَوْلُهُ: بِلَا حَاجَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَلَيْسَ مِنْهَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ مَنْ بَيْنَهُمْ تَشَاجُرٌ أَوْ مُعَامَلَةٌ وَيُرِيدُونَ الْحِسَابَ فَيَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ لِفَصْلِ الْأَمْرِ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَشْوِيشٌ عَلَى مَنْ فِي الْمَسْجِدِ كَكَوْنِهِ وَقْتَ صَلَاةٍ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ فَلَا بِدَلِيلِ. . إلَخْ وَمِنْهَا قُرْبُ الطَّرِيقِ لِمَنْ بَيْتُهُ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ دُخُولُهُ حَامِلًا لِلنَّجَسِ بِقَصْدِ الْمُرُورِ مِنْ الْمَسْجِدِ حَيْثُ أَمِنَ التَّلْوِيثَ وَكَذَا لَوْ احْتَاجَ لِإِدْخَالِ الْجَمْرَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ النَّجَاسَةِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَرْجِيلِ شَعْرٍ) أَيْ تَسْرِيحُهُ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَجُوزُ طَرْحُ الشَّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يَجُوزُ إدْخَالُ الْمَيِّتِ فِيهِ أَوْ لَا تَرَدَّدَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ تَقْدِيرٌ لَهُ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ وَسَيَأْتِي عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِرَأْسِهِ وَسَخٌ وَأَرَادَ حَلْقَهُ خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ وَإِنْ بَعُدَ؛ لِأَنَّهُ نُهِيَ عَنْ حَلْقِ الرَّأْسِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا فَعَلَهُ بِغَيْرِ حَائِلٍ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: هُوَ فِيهِ صَائِمٌ) بِأَنْ قَالَ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا وَأَنَا فِيهِ صَائِمٌ أَوْ أَنَا فِيهِ صَائِمٌ بِلَا وَاوٍ اهـ. حَجّ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَالِ إذَا كَانَتْ جُمْلَةً وَبَيْنَهَا إذَا كَانَتْ مُفْرَدَةً بِكَلَامٍ حَسَنٍ وَعِبَارَتُهُ (تَنْبِيهٌ)
مَا ذُكِرَ فِي وَأَنَا صَائِمٌ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي صَائِمًا وَإِنْ كَانَ الْحَالُ مُفَادُهَا وَاحِدٌ مُفْرَدَةً أَوْ جُمْلَةً لِمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الْمُفْرَدَةَ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ فَدَلَّتْ عَلَى الْتِزَامِ إنْشَاءِ صَوْمٍ بِخِلَافِ الْجُمْلَةِ وَأَيْضًا فَتِلْكَ قَيْدٌ لِلِاعْتِكَافِ فَدَلَّتْ عَلَى إنْشَاءِ صَوْمٍ بِقَيْدِهِ وَهَذِهِ قَيْدٌ لِلْيَوْمِ الظَّرْفِ لَا لِلِاعْتِكَافِ الْمَظْرُوفِ فِيهِ وَتَقْيِيدُ الْيَوْمِ يَصْدُقُ بِإِيقَاعِ اعْتِكَافٍ فِيهِ وَهُوَ مَصُومٌ عَنْ رَمَضَانَ اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الِاعْتِكَافُ يَوْمَ صَوْمِهِ) أَيْ دُونَ الصَّوْمِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ إذَا كَانَ الصَّوْمُ عَنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: أَمْ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ نَفْلًا لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ مَعَهُ اهـ حَلَبِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَيَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ يَوْمٍ كَامِلٍ وَهُوَ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ فَلَوْ اعْتَكَفَ مِنْ أَوَّلِهِ وَنَوَى الصَّوْمَ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَكْفِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا) الْمُرَادُ بِالْأَحَدِ الِاعْتِكَافُ فَقَطْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ الِاعْتِكَافِ عَنْ الصَّوْمِ.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا الْأَنْسَبُ وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَيْ الِاعْتِكَافِ عَنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُلْتَزَمُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا) أَيْ أَوْ بِاعْتِكَافٍ اهـ.