فَيَكْفِي التَّرَدُّدُ فِيهِ لَا الْمُرُورُ بِلَا لُبْثٍ، وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا كَفَاهُ لَحْظَةٌ.
(وَ) رَابِعُهَا (مُعْتَكِفٌ وَشَرْطُهُ إسْلَامٌ وَعَقْلٌ وَخُلُوٌّ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ) فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ مَنْ اتَّصَفَ بِضِدِّ شَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ نِيَّةِ الْكَافِرِ وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَحُرْمَةِ مُكْثِ مَنْ بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ بِالْمَسْجِدِ وَتَعْبِيرِي بِخُلُوٍّ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ " وَالنَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ، وَالْجَنَابَةِ.
(وَيَنْقَطِعُ) الِاعْتِكَافُ (كَتَتَابُعِهِ بِرِدَّةٍ وَسُكْرٍ وَنَحْوِ حَيْضٍ تَخْلُو مُدَّةُ اعْتِكَافٍ عَنْهُ غَالِبًا) بِخِلَافِ مَا لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا كَشَهْرٍ (وَجَنَابَةٍ) مُفْطِرَةٍ لِلصَّائِمِ أَوْ غَيْرِ (مُفْطِرَةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بِمَنْزِلَتِهِ وَتَنْعَطِفُ النِّيَّةُ عَلَى مَا مَضَى فَيُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي التَّرَدُّدُ) أَيْ وَتَصِحُّ النِّيَّةُ حِينَئِذٍ فَلَا يُشْتَرَطُ وُقُوعُهَا حَالَ الْمُكْثِ وَهَذَا التَّفْرِيعُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّرَدُّدَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُكْثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللُّبْثَ هُوَ الِاسْتِقْرَارُ فَكَانَ الْأَوْلَى عَطْفُهُ كَمَا صَنَعَ الْمَحَلِّيُّ فَقَالَ لَبِثَ أَوْ تَرَدَّدَ لَكِنْ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِاللُّبْثِ مَا يَشْمَلُ التَّرَدُّدَ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ بِلَا سُكُونٍ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا الْمُرُورُ بِلَا لُبْثٍ) أَيْ خِلَافًا لِلضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَكْفِي الْمُرُورُ بِلَا لُبْثٍ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَفَاهُ لَحْظَةٌ) أَيْ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا يَقَعُ وَاجِبًا اهـ. ح ل وَقَاعِدَةُ أَنَّ مَا يُمْكِنُ تَجَزُّؤُهُ يَقَعُ بَعْضُهُ وَاجِبًا وَبَعْضُهُ مَنْدُوبًا مَخْصُوصَةٌ بِمَا بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ لَهُ أَقَلَّ وَأَكْمَلَ كَالرُّكُوعِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُبَيِّنُوا لَهُ ذَلِكَ كَمَا هُنَا. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْضًا كَفَاهُ لَحْظَةٌ) وَيُنْدَبُ يَوْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ اعْتَكَفَ دُونَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ) كَالْمَجْنُونِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِنْ طَرَأَ عَلَى الِاعْتِكَافِ لَمْ يَبْطُلْ وَيُحْسَبُ زَمَنُهُ مِنْ الِاعْتِكَافِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَحُرْمَةِ مُكْثٍ. إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ اهـ. ع ش وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّ شَأْنَهُ وَالْغَالِبَ فِيهِ ذَلِكَ تَأَمَّلْ. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ اعْتِكَافِ كُلِّ مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ كَذِي جُرْحٍ وَقُرُوحٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُ الْمَسْجِدِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ مَوْضِعُ نَظَرٍ نَعَمْ لَوْ اعْتَكَفَ فِي مَسْجِدٍ وَقْفٍ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ صَحَّ اعْتِكَافُهُ فِيهِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ لُبْثُهُ فِيهِ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا يُشْبِهُهُ وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَيَّدَ بِالْحِلِّ لِأَنَّ مُكْثَهُ إنَّمَا حَرُمَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ أَعْنِي اسْتِيفَاءَ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ حَرَامٌ وَلَوْ بِغَيْرِ مُكْثٍ فَالْمُكْثُ فِي هَذَا لَمْ يَحْرُمْ لِذَاتِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَيَنْقَطِعُ الِاعْتِكَافُ. . إلَخْ) مَعْنَى كَوْنِ هَذِهِ الْأُمُورِ قَاطِعَةً لِلِاعْتِكَافِ أَنَّ زَمَنَهَا لَا يُحْسَبُ مِنْ الْمُدَّةِ فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِتَتَابُعٍ فَاعْتَكَفَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ ارْتَدَّ يَوْمًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَوْمَيْنِ وَقَوْلُهُ: كَتَتَابُعِهِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ قَطْعُ أَصْلِ الِاعْتِكَافِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْعَشَرَةُ فِي الْمِثَالِ مُتَتَابِعَةً فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْعَشَرَةَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَيَلْزَمُ مِنْ قَطْعِ التَّتَابُعِ قَطْعُ الِاعْتِكَافِ وَلَا عَكْسَ. اهـ شَيْخُنَا لَكِنَّ تَفْسِيرَ الْقَطْعِ بِمَا تَرَى فِيهِ قُصُورٌ إذْ لَا يَشْمَلُ الْمُطْلَقَ فَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ الْقَطْعِ بِقَطْعِ اسْتِمْرَارِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُقَيَّدًا أَوْ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَسُكْرٍ) أَيْ بِتَعَدٍّ وَمِثْلُهُ الْجُنُونُ بِتَعَدٍّ أَمَّا كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَا تَعَدٍّ فَلَا يَقْطَعُ. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسُكْرٍ بِتَعَدٍّ أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي بِهِ فَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ انْتَهَتْ، وَانْظُرْ هَلْ يَأْتِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْإِغْمَاءِ أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَمَا الْفَرْقُ تَأَمَّلْ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا تَخْلُو عَنْهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تُضَمُّ لِقَوْلِ الْمَتْنِ لَا غَيْرُ مُفْطِرَةٍ. . . إلَخْ فِي أَنَّ كُلًّا يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ دُونَ التَّتَابُعِ تَأَمَّلْ وَضَبَطَ جَمْعٌ الْمُدَّةَ الَّتِي لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَنَظَرَ فِيهِ آخَرُونَ بِأَنَّ الْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثَةَ وَالْعِشْرِينَ تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا إذْ هِيَ غَالِبُ الطُّهْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَهَا وَمَا دُونَهَا الْحَيْضُ وَلَا يَقْطَعُ مَا فَوْقَهَا وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَالِبِ هُنَا أَنْ لَا يَسَعَ زَمَنُ أَقَلِّ الطُّهْرِ الِاعْتِكَافَ لَا الْغَالِبُ الْمَفْهُومُ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَتَى زَادَ مِنْ الِاعْتِكَافِ عَلَى أَقَلِّ الطُّهْرِ كَانَتْ مُعَرَّضَةً لِطُرُوقِ الْحَيْضِ فَعُذِرَتْ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ غَالِبُ الْحَيْضِ، وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَالِبَ قَدْ يَنْخَرِمُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ لَا يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهَا بِهِ إذَا زَادَتْ مُدَّةُ اعْتِكَافِهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا فَكَذَلِكَ هَذِهِ لَا يَلْزَمُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا وَإِنْ وَسِعَهُ وَلَا نَظَرَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنْ طَهُرَ تِلْكَ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ بِخِلَافِ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا فِي الْأَعْذَارِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ إمْكَانِ طُرُوءِ الْحَيْضِ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الِانْقِطَاعِ فَتَبْنِي عَلَى مَا سَبَقَ إذَا طَهُرَتْ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَجَنَابَةٍ مُفْطِرَةٍ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِالْجِمَاعِ مِنْ عَامِدٍ عَالِمٍ بِتَحْرِيمِهِ وَاضِحٍ مُخْتَارٍ سَوَاءٌ جَامَعَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا لِمُنَافَاتِهِ لَهُ وَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ