لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَالْأَمْدَادُ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَّارَاتِ بِخِلَافِ صَرْفِ مُدٍّ لِاثْنَيْنِ لَا يَجُوزُ.
(وَيَجِبُ مَعَ قَضَاءِ كَفَّارَةٌ) يَأْتِي بَيَانُهَا فِي بَابِهَا (عَلَى وَاطِئٍ بِإِفْسَادِهِ صَوْمَهُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ) وَإِنْ انْفَرَدَ بِالرُّؤْيَةِ (بِوَطْءٍ أَثِمَ بِهِ لِلصَّوْمِ) أَيْ لِأَجْلِهِ (وَلَا شُبْهَةَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ هَلَكْت قَالَ وَمَا أَهْلَكَك قَالَ وَاقَعْت امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ قَالَ هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً قَالَ لَا قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ الْغَارِمِ، وَالْغُرْبَةِ، وَالِانْقِطَاعِ عَنْ ابْنِ السَّبِيلِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْدَادَ بَدَلٌ عَنْ أَيَّامِ الصَّوْمِ وَهُوَ يَصِحُّ فِيهِ أَنْ يَصُومَ الْوَاحِدُ أَيَّامًا مُتَعَدِّدَةً عَنْ الْمُكَفِّرِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْقَدِيمِ الرَّاجِحِ وَفِي حَيَاتِهِ لَوْ قِيلَ بِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الزَّكَاةَ وَلَيْسَتْ الْأَمْدَادُ فِي الْحَيِّ فِي الْكَفَّارَةِ بَدَلًا عَنْ الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّهَا خَصْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَمْ يَجْرِ فِيهَا مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ هَذَا فَإِنَّهُ يُغْنِيَك عَمَّا أَطَالُوا بِهِ هُنَا فِي الْجَوَابِ مِمَّا لَا يُجْدِي نَفْعًا اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَرْفِ مُدٍّ لِاثْنَيْنِ) وَكَذَا لَا يَجُوزُ صَرْفُ ثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ لِشَخْصَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ بَدَلُ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ مَعَ قَضَاءٍ) أَيْ وَمَعَ تَعْزِيرٍ فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ عَكْسِ الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ كُلُّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا التَّعْزِيرُ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى وَاطِئٍ. . . إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ عَشَرَةُ قُيُودٍ وَكُلُّهَا فِي الْمَتْنِ وَفِيهِ مَفَاهِيمُ الْكُلِّ بَلْ أَحَدَ عَشَرَ بِجَعْلِ قَوْلِهِ يَوْمًا قَيْدًا لِيَخْرُجَ مَا لَوْ أَفْسَدَ بَعْضَ يَوْمٍ وَمَفْهُومُ هَذَا الْقَيْدِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَا عَلَى مَنْ وَطِئَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ مَاتَ أَوْ جُنَّ. . . إلَخْ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي التَّعْلِيلِ. اهـ شَيْخُنَا وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْوَاطِئِ أَنَّهَا لَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْزِلْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْ بِخِلَافِهِ إذَا أَنْزَلَ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ كَالْإِنْزَالِ بِالْمُبَاشَرَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا لِعَدَمِ الْفِعْلِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِإِفْسَادِ صَوْمِهِ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا فِيمَنْ أَدْرَكَ الْفَجْرَ مُجَامِعًا فَاسْتَدَامَ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهُ فِي حُكْمِ إفْسَادِ الصَّوْمِ تَنْزِيلًا لِمَنْعِ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِفْسَادِ كَمَا قَالَهُ م ر وحج (قَوْلُهُ: يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ وَطِئَ أَوَّلَهُ إذَا صَامَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْهُ أَيْ وَقَدْ اشْتَبَهَ رَمَضَانُ بِغَيْرِهِ فَلَا كَفَّارَةَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُنَا: أَوَّلَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ جَمِيعُ رَمَضَانَ اهـ ح ل وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْقُيُودُ اثْنَيْ عَشَرَ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر مِنْ رَمَضَانَ يَقِينًا خَرَجَ بِهِ الْوَطْءُ فِي أَوَّلِهِ إذَا صَامَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْهُ أَوْ فِي يَوْمِ الشَّكِّ حَيْثُ جَازَ بِأَنْ صَامَهُ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ نَهَارًا بِجِمَاعٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِوَطْءٍ أَثِمَ بِهِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ عَنْ رَمَضَانَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَرَدَ بِالرُّؤْيَةِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَتَلْزَمُ مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَجَامَعَ فِي يَوْمِهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عِنْدَهُ بِإِفْسَادِ صَوْمِهِ بِالْجِمَاعِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَيَّامِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ صَدَقَةٍ لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ خَرَجَ بِهِ الْحَاسِبُ وَالْمُنَجِّمُ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ عِنْدَهُمَا عَلَى دُخُولِ رَمَضَانَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَيَقَّنَا بِذَلِكَ دُخُولَ الشَّهْرِ فَأَشْبَهَا مَا لَوْ اجْتَهَدَ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى شَهْرٍ فَصَامَهُ وَجَامَعَ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ ظَنَّ بِالِاجْتِهَادِ دُخُولَ رَمَضَانَ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. سم اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ تَصْدِيقَ الرَّائِي أَقْوَى مِنْ الِاجْتِهَادِ لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الرَّائِي، وَالرَّائِي مُتَيَقِّنٌ فَمَنْ صَدَّقَهُ مِثْلُهُ حُكْمًا وَلَا كَذَلِكَ الْمُجْتَهِدُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِوَطْءٍ) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ لِأُنْثَى أَوْ لِذَكَرٍ بَلْ أَوْ لِبَهِيمَةٍ أَوْ مَيِّتٍ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ اهـ. ح ل أَيْ أَوْ فَرْجٍ مُبَانٍ حَيْثُ بَقِيَ اسْمُهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاَلَّذِي فِي ع ش أَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَلَا كَفَّارَةَ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا بِوَطْءٍ) أَيْ وَحْدَهُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ قَارَنَهُ مُفْطِرٌ آخَرُ كَأَكْلٍ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَتَمَحَّضْ الْجِمَاعُ لِلْهَتْكِ اهـ. سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَا شُبْهَةَ) الشُّبْهَةُ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْمُوجِبِ وَمِنْ الشُّبْهَةِ مَا لَوْ شَكَّ فِي النَّهَارِ هَلْ نَوَى لَيْلًا أَوْ لَا ثُمَّ جَامَعَ فِي حَالِ الشَّكِّ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَى فَإِنَّهُ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: عَدَمُ تَحَقُّقِ الْمُوجِبِ أَيْ عِنْدَ الْوَطْءِ، وَالْمُوجِبُ هُوَ الْإِفْسَادُ وَهُوَ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الشُّبْهَةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَ الْوَطْءِ وَإِنْ تَحَقَّقَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: جَاءَ رَجُلٌ) وَاسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: هَلَكْت) أَيْ وَقَعْت فِي سَبَبِ الْهَلَاكِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ) مَا مَوْصُولٌ حَرْفِيٌّ وَتَجِدُ بِمَعْنَى تَسْتَطِيعُ أَيْ هَلْ تَسْتَطِيعُ إعْتَاقَ رَقَبَةٍ. إلَخْ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَجَعْلُ مَا مَوْصُولًا اسْمِيًّا يَلْزَمُ عَلَيْهِ حَذْفُ الْعَائِدِ الْمَجْرُورِ وَبِدُونِ شَرْطِهِ وَجَعَلَهَا