(كَمَا لَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ بِنَهَارٍ (صَائِمًا) فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (وَيَجِبُ إتْمَامُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ (أَوْ) بَلَغَ فِيهِ (مُفْطِرًا أَوْ أَفَاقَ) فِيهِ الْمَجْنُونُ (أَوْ أَسْلَمَ) فِيهِ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مَا أَدْرَكُوهُ مِنْهُ لَا يُمْكِنُهُمْ صَوْمُهُ فَصَارَ كَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَدْرَ رَكْعَةٍ ثُمَّ طَرَأَ الْمَانِعُ.
(وَسُنَّ لَهُمْ وَلِمَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ زَالَ عُذْرُهُمَا) حَالَةَ كَوْنِهِمَا (مُفْطِرَيْنِ) كَأَنْ تَرَكَا النِّيَّةَ لَيْلًا (إمْسَاكٌ) لِبَقِيَّةِ النَّهَارِ (فِي رَمَضَانَ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ الْإِمْسَاكُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمْ الصَّوْمَ وَالْإِمْسَاكُ تَبَعٌ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْكَافِرِ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ وَذِكْرُ السُّنِّيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَيَلْزَمُ) أَيْ الْإِمْسَاكُ فِي رَمَضَانَ (مَنْ أَخْطَأَ بِفِطْرِهِ) كَأَنْ أَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ أَوْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ أَوْ أَفْطَرَ يَوْمَ شَكٍّ وَبَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلِأَنَّ نِسْيَانَ النِّيَّةِ يُشْعِرُ بِتَرْكِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ ضَرْبُ تَقْصِيرٍ وَلِأَنَّ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ كَانَ وَاجِبًا عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ جَهِلَهُ وَبِهِ فَارَقَ الْمُسَافِرَ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْإِفْطَارُ مَعَ عِلْمِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَعَدَّ بِهِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. سم اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ وَهُوَ التَّفْصِيلُ فِي السَّكْرَانِ وَأَمَّا عَلَى الْأُخْرَى مِنْ أَنَّهُ يَقْضِي مُطْلَقًا فَلَا يَتَقَيَّدُ مَا هُنَا بِالتَّعَدِّي؛ لِأَنَّ زَمَنَ السُّكْرِ إذَا كَانَ يَقْضِيهِ مُطْلَقًا فَإِذَا وَقَعَ فِيهِ جُنُونٌ بِلَا تَعَدٍّ قَضَى زَمَنَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ زَمَنُ السُّكْرِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ زَمَنُ جُنُونٍ فَتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: فَيَقْضِيهِ أَيْ بِأَنْ تَنَاوَلَ مُسْكِرًا يَسْتَغْرِقُ إسْكَارَ مِثْلِهِ النَّهَارَ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ ثُمَّ جُنَّ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا انْتَهَى إلَيْهِ السُّكْرُ مِنْ زَمَنِ الْجُنُونِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ تَشْبِيهِ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ اهـ. ز ي وَقَوْلُهُ: يَسْتَغْرِقُ إسْكَارَ مِثْلِهِ النَّهَارَ. . . إلَخْ كَلَامٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا يَدُومُ أَيَّامًا كَعَشَرَةٍ ثُمَّ جُنَّ فِي أَثْنَائِهَا كَأَنْ جُنَّ بَعْدَ الْخَمْسَةِ الْأُولَى مِنْهَا فَيَقْضِي الْخَمْسَةَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مُدَّةِ السُّكْرِ وَمَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ مِنْ الْجُنُونِ لَا يَقْضِيهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي مُدَّةِ الرِّدَّةِ فَلَوْ انْقَطَعَتْ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَلَا يَقْضِي مُدَّةَ الْجُنُونِ بَعْدَ انْقِطَاعِهَا وَإِنَّمَا يَقْضِي الْوَاقِعَ فِيهَا فَقَطْ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَلَغَ صَائِمًا) بِأَنْ نَوَى لَيْلًا. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ) حَتَّى لَوْ جَامَعَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ وَانْظُرْ هَلَّا جَعَلَ هَذَا مِنْ الشُّبْهَةِ اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَإِنْ أَفْطَرَ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ صَائِمًا لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ، وَالْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ لَوْ جَامَعَ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ اهـ بِحُرُوفِهِ انْتَهَتْ وَهَلْ يُثَابُ عَلَى جَمِيعِهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَوْ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ زَمَنَ الصِّبَا ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ وَمَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَإِنْ كَانَ خُصْلَةً وَاحِدَةً لَا يَتَبَعَّضُ لَكِنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهُ وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَارَنَ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ فَاتَتْ الْفَضِيلَةُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ) أَيْ مَنْ بَلَغَ مُفْطِرًا أَوْ أَسْلَمَ أَوْ أَفَاقَ بَلْ يُنْدَبُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا أَدْرَكُوهُ مِنْهُ. إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْأَدَاءَ، وَالتَّكْمِيلُ عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَدْرَكَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ رَكْعَةً ثُمَّ جُنَّ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُهُمْ صَوْمُهُ أَيْ صَوْمًا شَرْعِيًّا بِحَيْثُ يَكُونُ قَائِمًا مَقَامَ جَمِيعِ النَّهَارِ بِتَمَامِهِ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ لَهُمْ. إلَخْ) أَيْ الثَّلَاثَةِ مَنْ بَلَغَ مُفْطِرًا وَمَنْ أَفَاقَ وَمَنْ أَسْلَمَ. اهـ شَيْخُنَا وَعُلِمَ مِنْ نَدْبِ الْإِمْسَاكِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمْ فِي جِمَاعِ مُفْطِرَةٍ كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَكَافِرَةٍ وَحَائِضٍ اغْتَسَلَتْ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَسُنَّ لَهُمْ) وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ إذَا زَالَ عُذْرُهُمَا فَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْإِمْسَاكُ اهـ. ز ي وَيُسَنُّ لِمَنْ زَالَ عُذْرُهُ إخْفَاءُ الْفِطْرِ عِنْدَ مَنْ يَجْهَلُ لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لِلتُّهْمَةِ وَعُقُوبَةِ السُّلْطَانِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَأَنْ تَرَكَا النِّيَّةَ لَيْلًا) أَيْ وَكَانَ تَعَاطَيَا مُفْطِرًا بَعْدَ انْعِقَادِ الصَّوْمِ. اهـ شَيْخُنَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ تَارِكَ النِّيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُفْطِرٌ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ مُفْطِرًا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَنْ أَخْطَأَ بِفِطْرِهِ) بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُخْطِئْ بِهِ فَلَوْ طَهُرَتْ نَحْوُ حَائِضٍ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْإِمْسَاكُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إنْ نَسِيَ النِّيَّةَ) هَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُفْطِرًا؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَطْفِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْإِفْطَارُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ تَعَاطَى الْمُفْطِرَ فَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِي شَرْحِ م ر الْمُرَادُ بِالْفِطْرِ الْفِطْرُ الشَّرْعِيُّ فَيَشْمَلُ الْمُرْتَدَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَفْطَرَ يَوْمَ الشَّكِّ) مُرَادُهُ بِيَوْمِ الشَّكِّ هُنَا يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَوَاءٌ تُحُدِّثَ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ لَا بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ الَّذِي يَحْرُمُ صَوْمُهُ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَبَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ) أَيْ سَوَاءٌ بَانَ مَا ذُكِرَ قَبْلَ تَعَاطِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِيَتَمَيَّزَ عَمَّنْ أَمْسَكَ غَافِلًا بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إذَا قَدِمَ بَعْدَ الْإِفْطَارِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ جَهِلَهُ) أَيْ جَهِلَ كَوْنَهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَقَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ. . . إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِكَوْنِ الصَّوْمِ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلْجَهْلِ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ عَكْسَ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ جَهِلَهُ) وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ قَضَائِهِ فَوْرًا عَقِبَ يَوْمِ الْعِيدِ فَلَيْسَ الْجَهْلُ عُذْرًا مُقْتَضِيًا لِلْوُجُوبِ عَلَى التَّرَاخِي وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ لَنَا عِبَادَةٌ فَاتَتْ بِعُذْرٍ وَيَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَذَلِكَ يَوْمَ الشَّكِّ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّ وُجُوبَ الْفَوْرِ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ الْإِمْسَاكِ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا وُجُوبَ قَضَائِهِ