- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَائِشَةَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا قَالَ فَإِنِّي إذًا أَصُومُ قَالَتْ وَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ أَعْنَدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْت: نَعَمْ قَالَ إذًا أُفْطِرُ وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْأَوَّلِ، وَقَالَ: إسْنَادُهَا صَحِيحٌ «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ» وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ هَذَا (إنْ لَمْ يَسْبِقْهَا مُنَافٍ) لِلصَّوْمِ كَأَكْلٍ وَجِمَاعٍ وَكُفْرٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ.
(وَكَمَالُهَا) أَيْ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ (أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانِ هَذِهِ السَّنَةِ لِلَّهِ تَعَالَى) بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ إلَى هَذِهِ وَذَلِكَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ أَضْدَادِهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَفْظُ الْغَدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ النِّيَّةُ وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا صَوْمٌ وَاجِبٌ لَا يَجِبُ فِيهِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: قَبْلَ زَوَالٍ) أَيْ وَكَذَا بَعْدَهُ فِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ أَجْزَاءِ النَّهَارِ كَاللَّيْلِ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْبِقْهَا مُنَافٍ هَذَا الِاشْتِرَاطُ عَلَى الصَّحِيحِ وَمُقَابِلُهُ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ اهـ. مِنْ أَصْلِهِ وَشَرْحِ م ر.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ مَعَ الْمَتْنِ: وَالصَّحِيحُ اشْتِرَاطُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ فِي النِّيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ ثَوَابًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوْ قُلْنَا إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ وَإِلَّا يَبْطُلُ مَقْصُودُ الصَّوْمِ، وَقِيلَ عَلَى الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ انْتَهَتْ وَمُرَادُهُ بِالثَّانِي قَوْلُهُ: أَمْ قُلْنَا: إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: ذَاتَ يَوْمٍ) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ سَاعَةَ ذَاتِ يَوْمٍ أَيْ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ دَخَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ يَدُلُّ لِذَلِكَ الرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ حَيْثُ ذُكِرَ فِيهَا الْغَدَاءَ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلِذَلِكَ أَتَى بِهَا الشَّارِحُ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: قَالَ إذًا أُفْطِرُ) لَمْ يُؤَكِّدْ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ الِاهْتِمَامِ بِالْفِطْرِ وَاكْتَفَى بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ) أَيْ أَكَّدْته عَلَى نَفْسِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْفَرْضَ الشَّرْعِيَّ اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَقَالَ ع ش أَيْ قَدَّرْته. اهـ. أَيْ نَوَيْته (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لِلْأَوَّلِ. . . إلَخْ) أَتَى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهَا نَصٌّ فِي الْمُدَّعَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُولَى أَعَمُّ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ) أَيْ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَأَمَّا بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَاسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ. اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ قَالَ شَيْخُنَا ع ش ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا لَكِنْ فِي الْأَيْمَانِ التَّقْيِيدُ بِمَا يُسَمَّى غَدَاءً فِي الْعُرْفِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لُقَمٍ يَسِيرَةٍ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ بِمَا يُسَمَّى فَطُورًا كَشُرْبِ الْقَهْوَةِ وَأَكْلِ الشَّرِيكِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ) أَيْ الزَّوَالِ وَيُقَالُ: الْعَشَاءُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مَا يُؤْكَلُ عِنْدَ الْعِشَاءِ بِكَسْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْبِقْهَا مُنَافٍ) فَلَوْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَنْوِ صَوْمًا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ فَسَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ إلَى جَوْفِهِ ثُمَّ نَوَى صَوْمَ تَطَوُّعٍ صَحَّ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَالِغْ أَيْ فَإِنْ بَالَغَ وَوَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ بَعْدُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ بِهِ فِي الصَّوْمِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَكْرُوهٍ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي حَقِّهِ مَنْدُوبَةٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي صَوْمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَكَمَالُهَا أَنْ يَنْوِيَ. إلَخْ) كَوْنُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مُكَمِّلَاتٍ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِهَا وَإِلَّا فَفِيهَا وَاحِدٌ وَاجِبٌ وَهُوَ رَمَضَانُ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ بِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِيهَا اثْنَانِ وَاجِبَانِ وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ الْغَدَ قَالَ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْغَدِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَكَمَالُهَا أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ) أَيْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي اللَّيْلَةَ الَّتِي نَوَى فِيهَا أَيْ يَكُونُ الْغَدُ مَحْمُولًا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُرِدْ غَيْرَهُ لَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُلَاحَظَةُ ذَلِكَ فِي النِّيَّةِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ. . . إلَخْ) وَاحْتِيجَ لِذِكْرِ السَّنَةِ مَعَ الْأَدَاءِ وَإِنْ اتَّحَدَ مُحْتَرَزُهُمَا إذْ فَرْضُ غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ إلَّا قَضَاءً؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْأَدَاءِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ وَقِيَاسُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ فِي الصَّلَاةِ لَا تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ وَأَنَّهُ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ ذِكْرُ الْغَدِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ السَّنَةِ رَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي يَصُومُهُ غَيْرُ الْيَوْمِ الَّذِي يَصُومُ عَنْهُ فَالتَّعَرُّضُ لِلْغَدِ يُفِيدُ الْأَوَّلَ وَلِلسَّنَةِ يُفِيدُ الثَّانِيَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ نَوَى صَوْمَ الْغَدِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ: صِيَامُك الْيَوْمَ الْمَذْكُورَ هَلْ هُوَ عَنْ فَرْضِ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ عَنْ فَرْضِ سَنَةٍ أُخْرَى؟ فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ السَّنَةَ إنَّمَا ذَكَرُوهَا آخِرًا لِتَعُودَ إلَى الْمُؤَدَّى بِهِ أَيْ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ رَمَضَانُ مُضَافًا لِمَا بَعْدَهُ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ التَّعَرُّضِ لَهَا أَوْ لِلْأَدَاءِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ قَبْلَهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّ فَلَا يَتَعَيَّنُ هُنَا، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْأَدَاءَ، وَالْقَضَاءَ جِنْسُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ فَرْضُ رَمَضَانَ فَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ نَوْعِهِمَا قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ) أَيْ لِمَا بَعْدَهُ فَنُونُهُ مَكْسُورَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَخْفُوضٌ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ قَطْعَهُ عَنْهَا يُصَيِّرُ هَذِهِ السَّنَةَ مُحْتَمَلًا لِكَوْنِهِ ظَرْفًا لِقَوْلِهِ: أَنْ يَنْوِيَ وَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ زَمَنُهَا يَسِيرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ جَرَرْت رَمَضَانَ بِالْكَسْرِ جَرَرْت السَّنَةَ وَإِنْ جَرَرْته بِالْفَتْحِ نَصَبْت السَّنَةَ وَحِينَئِذٍ فَنَصْبُهَا عَلَى الْقَطْعِ، وَعَلَيْهِ فَفِي إضَافَةِ رَمَضَانَ إلَى مَا بَعْدَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَلَمَ لَا يُضَافُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَفْظُ الْغَدِ اُشْتُهِرَ. . . إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى الْمَتْنِ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ