وَلَوْ قَاتِلَ نَفْسَهُ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) بِالْإِجْمَاعِ فِي غَيْرِ الْقَاتِلِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْقَاتِلِ أَمَّا الْكَافِرُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَأَمَّا الشَّهِيدُ فَكَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا
(وَأَقَلُّ غُسْلِهِ) وَلَوْ جُنُبًا وَنَحْوَهُ (تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) بِالْمَاءِ مَرَّةً فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إزَالَةِ نَجَسٍ عَنْهُ كَمَا يُلَوِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَيِّ أَنَّ الْغَسْلَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَكْفِيهِ عَنْ النَّجَسِ وَالْحَدَثِ لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا تَكْفِيهِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَاكَ أَوْ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَصِلُ إلَى مَحَلِّ النَّجَسِ مِنْ الْمَيِّتِ إلَّا بَعْدَ إزَالَتِهِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ النَّظَافَةُ وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ (فَيَكْفِي غُسْلُ كَافِرٍ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا (لَا غَرَقٍ) لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِهِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا حَتَّى لَوْ شَاهَدْنَا الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنَّا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْكَفَنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ السَّتْرُ وَقَدْ حَصَلَ وَمِنْ الْغُسْلِ التَّعَبُّدُ بِفِعْلِنَا لَهُ وَلِهَذَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ لَا لِلتَّكْفِينِ.
(وَأَكْمَلُهُ أَنْ يُغَسَّلَ فِي خَلْوَةٍ) لَا يَدْخُلُهَا إلَّا الْغَاسِلُ وَمَنْ يُعِينُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِ تَرْتِيبٍ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ عُمُومُ الْخِطَابِ لِكُلِّ مَنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْفَرَائِضِ الْكَلَامُ عَلَى مَحَلِّ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ اهـ. وَقَالَ م ر أَمَّا الْفِعْلُ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَقَارِبُهُ بَلْ هُوَ عَامٌّ لِكُلِّ مَنْ عَلِمَ بِهِ وَأَمَّا الْمُؤْنَةُ فَهِيَ خَاصَّةٌ بِتَرِكَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم (قَوْلُهُ وَلَوْ قَاتِلَ نَفْسِهِ) لِلرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْقَائِلِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَجِبُ فِيهِ غُسْلٌ وَلَا صَلَاةٌ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ مَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ (قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْغُسْلَ فِيهِ قَوْلٌ بِالسَّنِّ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَلَوْ جُنُبًا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَجِبُ غُسْلَانِ أَحَدُهُمَا لِلْجَنَابَةِ وَالْآخَرُ لِلْمَوْتِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) أَيْ حَتَّى مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا وَمَا تَحْتَ قُلْفَةِ الْأَقْلَفِ فَإِنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ فَإِنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا طَاهِرًا يُمِّمَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ نَجَسًا كَانَ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ) أَيْ النَّوَوِيَّ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ أَيْ عَلَى الرَّافِعِيِّ أَيْ تَعَقَّبَهُ بِأَنْ يَقُولَ قُلْت الْأَصَحُّ الِاكْتِفَاءُ بِغُسْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي غُسْلِ الْحَيِّ وَقَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَاكَ أَيْ فَالْمَحَلَّانِ مُتَّحِدَانِ. اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ وَبِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَأَقَلُّ غُسْلِهِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِنِيَّةٍ اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ تَجِبُ لِأَنَّ غُسْلَهُ وَاجِبٌ فَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ) اُنْظُرْ حُكْمَ نِيَّةِ تَيَمُّمِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ وُجُوبُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ بَدَلًا عَمَّا لَا نِيَّةَ لَهُ أُعْطِيَ حُكْمَهُ تَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَجَزَمَ حَجّ بِعَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ النَّظَافَةُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُتَعَاطِيَ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِتَتَمَيَّزَ عِبَادَتُهُ عَنْ عَادَتِهِ وَالْمَيِّتُ لَا عَادَةَ لَهُ يُطْلَبُ التَّمْيِيزُ عَنْهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مُتَعَاطِي الْغُسْلِ بِنَفْسِهِ وَمُتَعَاطِيهِ عَنْ غَيْرِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَكْفِي غُسْلُ كَافِرٍ) مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا) أَيْ مَعَاشِرَ الْمُكَلَّفِينَ فَدَخَلَ الْجِنُّ فَيُكْتَفَى بِتَغْسِيلِهِمْ وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْمُكَلَّفِينَ فَيَدْخُلُ الصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَلَوْ غَسَّلَ نَفْسَهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ اهـ. ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَفِي ع ش عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ قَالَ سم عَلَى حَجّ
(فَرْعٌ) لَوْ غَسَّلَ الْمَيِّتُ نَفْسَهُ كَرَامَةً فَهَلْ يَكْفِي لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يَكْفِي وَلَا يُقَالُ الْمُخَاطَبُ بِالْفَرْضِ غَيْرُهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ إنَّمَا خُوطِبَ غَيْرُهُ بِذَلِكَ لِعَجْزِهِ فَإِنْ أَتَى بِذَلِكَ كَرَامَةً كَفَى
(فَرْعٌ) آخَرُ لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ مَوْتًا حَقِيقِيًّا وَجُهِّزَ ثُمَّ أُحْيِيَ حَيَاةً حَقِيقِيَّةً ثُمَّ مَاتَ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ تَجْهِيزٌ آخَرُ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ غَسَّلَ مَيِّتٌ مَيِّتًا آخَرَ وَفِي فَتَاوَى حَجّ الْحَدِيثِيَّةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أُحْيِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ الْحَقِيقِيِّ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ مَعْصُومٌ ثَبَتَتْ لَهُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْمَوْتَى مِنْ قِسْمَةِ تَرِكَتِهِ وَنِكَاحِ زَوْجَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَّ الْحَيَاةَ الثَّانِيَةَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ تَشْرِيعٌ لِمَا لَمْ يَرِدْ هُوَ وَلَا نَظِيرُهُ بَلْ وَلَا مَا يُقَارِبُهُ وَتَشْرِيعُ مَا هُوَ كَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بِلَا شَكٍّ انْتَهَى وَعَلَيْهِ فَمَنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَيَاةِ الثَّانِيَةِ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَجِبُ مُوَارَاتُهُ فَقَطْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُتَحَقَّقْ مَوْتُهُ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ بِهِ غَشْيٌ أَوْ نَحْوُهُ اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْكَفَنِ) أَيْ فَإِنَّا لَمْ نُتَعَبَّدْ بِهِ بَلْ وَجَبَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَهُوَ سَتْرُهُ وَأَمَّا الْغُسْلُ فَلَيْسَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ فَقَطْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَقِبَ اغْتِسَالِهِ بِالْمَاءِ يَجِبُ غُسْلُهُ وَإِنَّا لَوْ عَجَزْنَا عَنْ طَهَارَتِهِ بِالْمَاءِ وَجَبَ تَيَمُّمُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا نَظَافَةَ فِيهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ السَّتْرُ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ صُورَةَ عِبَادَةٍ فَلَا يُقَالُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْغُسْلِ النَّظَافَةُ أَيْضًا بِدَلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّتِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الصَّلَاةَ كَالْغُسْلِ وَالْحَمْلَ كَالدَّفْنِ وَأَنَّهُ لَوْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ كَرَامَةً سَقَطَ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يُقَالُ الْمُخَاطَبُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ إنَّمَا خُوطِبَ لِعَدَمِ تَأَتِّيه مِنْهُ فَإِذَا فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ سَقَطَ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ وَأَكْمَلُهُ أَنْ يُغَسَّلَ إلَخْ) قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْحَالَةِ فِيهَا كَمَالٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ تَغْسِيلَهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ أَكْمَلَ بِمَعْنَى كَامِلٍ أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا عَدَاهُ كَامِلٌ مِنْ حَيْثُ أَدَاءُ الْوَاجِبِ بِهِ اهـ. ع ش