وَيُسَنُّ لِمَنْ عِنْدَهُ تَحْسِينُ ظَنِّهِ وَتَطْمِيعُهُ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى
(فَإِذَا مَاتَ غُمِّضَ) لِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» وَشَقَّ بَصَرُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ شَخَصَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْخَاءِ
(وَشُدَّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ) عَرِيضَةٍ، تُرْبَطُ فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا يَبْقَى فَمُهُ مُنْفَتِحًا فَتَدْخُلُهُ الْهَوَامُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لِمَنْ عِنْدَهُ تَحْسِينٌ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَرَ مِنْهُ أَمَارَةَ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ وَإِلَّا وَجَبَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ بَذْلِ النَّصِيحَةِ وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ اسْتِتَابَةِ تَارِكِ الصَّلَاةِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ فَإِذَا مَاتَ غُمِّضَ) هَذَا شَامِلٌ لِلْأَعْمَى وَيُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَقُولَ حَالَ إغْمَاضِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَ حَمْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ يُسَبِّحُ مَا دَامَ يَحْمِلُهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ فِي الْإِيعَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُسَنُّ لَهُ تَغْمِيضُ عَيْنِ نَفْسِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِلَا مَشَقَّةٍ لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ نَدْبَهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ عِنْدَهُ مَنْ يَتَوَلَّاهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إنَّ الرُّوحَ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ «ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» اهـ. عَمِيرَةُ أَقُولُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَنْ يُغَمَّضُ الْآنَ فَيَقُولُ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ. عِ ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ إنَّ الرُّوحَ) بِضَمِّ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَهِيَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ جِسْمٌ لَطِيفٌ مُشْتَبِكٌ بِالْبَدَنِ اشْتِبَاكَ الْمَاءِ بِالْعُودِ الْأَخْضَرِ وَيُقَالُ إنَّهُ سَارٍ فِي الْبَدَنِ كَسَرَيَانِ الْمَاءِ فِي الْعُودِ الْأَخْضَرِ وَهُوَ بَاقٍ لَا يَفْنَى وَعِنْدَ جَمْعٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ عَرَضٌ وَهُوَ الْحَيَاةُ الَّتِي صَارَ الْبَدَنُ بِوُجُودِهَا حَيًّا وَعِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ أَنَّهُ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ غَيْرُ مُتَحَيِّزٍ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ تَعَلُّقَ التَّدْبِيرِ لَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ وَلَا خَارِجًا عَنْهُ وَهَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ خَلْقِ الْجَسَدِ أَمْ لَا الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ تَبِعَهُ الْبَصَرُ) أَيْ نَاظِرًا أَيْنَ يَذْهَبُ وَبَقَاءُ النَّظَرِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ غَيْرُ بَعِيدٍ لِبَقَاءِ حَرَارَةِ الْبَدَنِ خُصُوصًا فِي عُضْوٍ أَقْرَبَ إلَى مَحَلِّ خُرُوجِ الرُّوحِ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ مِنْ الْيَافُوخِ وَالْعَيْنُ آخِرُ شَيْءٍ تُنْزَعُ مِنْهُ الرُّوحُ وَأَوَّلُ شَيْءٍ تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ وَآخِرُ شَيْءٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا تَبِعَهُ الْبَصَرُ) أَيْ ذَهَبَ أَوْ شَخَصَ نَاظِرًا إلَى الرُّوحِ أَيْنَ تَذْهَبُ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَنْظُرُ بَعْدَهَا لِأَنَّا نَقُولُ يَبْقَى فِيهِ مِنْ آثَارِ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا مَا يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى نَوْعِ تَطَلُّعٍ لَهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي اهـ. شَرْحُ م ر وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّ الْقُوَّةَ الْبَاصِرَةَ تَذْهَبُ عَقِبَ خُرُوجِ الرُّوحِ فَحِينَئِذٍ تَجْمُدُ الْعَيْنُ وَيَقْبُحُ مَنْظَرُهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ.
قَوْلُهُ تَبِعَهُ الْبَصَرُ إلَخْ أَيْ ذَهَبَ أَوْ شَخَصَ نَاظِرًا إلَى الرُّوحِ أَيْنَ تَذْهَبُ قَالَ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ كَانَ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ سَبَبَ انْفِتَاحِ الْعَيْنِ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَحَسَّ بِقَبْضِ الرُّوحِ وَانْتِزَاعِهَا يَفْتَحُ بَصَرَهُ نَاظِرًا إلَى مَا يُنْزَعُ مِنْهُ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ الْقُوَّةَ الْبَاصِرَةَ تُفَارِقُهُ وَتَذْهَبُ مَعَهَا بَعْدَ قَبْضِهَا وَيُحْتَمَلُ الْتِزَامُ ذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الرُّوحِ وَيَعْلَقُ بِهَا ذَاهِبًا مَعَهَا يَنْظُرُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ بَلْ مُتَعَيِّنٌ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ قُبِضَ فِي الْحَدِيثِ يَلْزَمُ أَنْ يُؤَوَّلَ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى أُرِيدُ قَبْضُهُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ انْتَهَتْ ثُمَّ رَأَيْت فِي هَامِشِ نُسْخَةِ ع ش الَّتِي جَرَّدْتُ مِنْهَا الْحَاشِيَةَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ تَبِعَهُ الْبَصَرُ أَيْ ذَهَبَ أَوْ شَخَصَ نَاظِرًا إلَى أَيْنَ تَذْهَبُ الرُّوحُ قُلْت وَفِي فَهْمِ هَذَا دِقَّةٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ أَنَّ الْبَصَرَ إنَّمَا يُبْصِرُ مَا دَامَ الرُّوحُ فِي الْبَدَنِ فَإِذَا فَارَقَهُ تَعَطَّلَ الْإِحْسَاسُ وَالْإِبْصَارُ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي بَعْدَ النَّظَرِ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَنْ يُجَابَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ مِنْ أَكْثَرِ الْبَدَنِ وَهِيَ بَعْدُ بَاقِيَةٌ فِي الرَّأْسِ وَالْعَيْنَيْنِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ الْفَمِ أَكْثَرُهَا وَلَمْ تَنْتَهِ كُلُّهَا نَظَرَ الْبَصَرُ إلَى الْقَدْرِ الَّذِي خَرَجَ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الرُّوحَ عَلَى مِثَالِ الْبَدَنِ وَقَدْرِ أَعْضَائِهِ فَإِذَا خَرَجَ بَقِيَّتُهَا مِنْ الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ سَكَنَ النَّظَرُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ إذَا قُبِضَ مَعْنَاهُ إذَا شُرِعَ فِي قَبْضِهِ وَلَمْ يَنْتَهِ قَبْضُهُ الثَّانِي يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ كَثِيرُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الرُّوحَ لَهَا اتِّصَالٌ بِالْبَدَنِ وَإِنْ كَانَتْ خَارِجَةً فَيَرَى وَيَعْلَمُ وَيَسْمَعُ وَيَرُدُّ السَّلَامَ وَيَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. سُيُوطِيٌّ
. اهـ. (قَوْلُهُ وَشُدَّ لَحْيَاهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ كَمَا ضَبَطَهُ الشَّرْحُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ فَمَا وَقَعَ لِلْبِرْمَاوِيِّ هُنَا سَهْوٌ اهـ. (قَوْلُهُ فَتَدْخُلُهُ الْهَوَامُّ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ وَالْهَامَّةُ مَا لَهُ سُمٌّ يَقْتُلُ كَحَيَّةٍ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْجَمْعُ الْهَوَامُّ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابُّ وَقَدْ أُطْلِقَتْ الْهَوَامُّ عَلَى مَا يُؤْذِي قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَيُقَالُ لِدَوَابِّ الْأَرْضِ جَمِيعًا الْهَوَامُّ مَا بَيْنَ قَمْلَةٍ إلَى حَيَّةٍ وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك؟ وَالْمُرَادُ الْقَمْلُ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ بِجَامِعِ الْأَذَى اهـ. وَفِي النِّهَايَةِ وَفِيهِ كَانَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَيَقُولُ أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ سَامَّةٍ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ