(وَيَتَوَجَّهُ) لِلْقِبْلَةِ (مِنْ نَحْوِ ثُلُثِ) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ) وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ صَدْرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ (وَحِينَئِذٍ يُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ سِرًّا وَجَهْرًا) قَالَ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] وَيَرْفَعُ الْحَاضِرُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الدُّعَاءِ مُشِيرِينَ بِظُهُورِ أَكُفِّهِمْ إلَى السَّمَاءِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْقَصْدَ رَفْعُ الْبَلَاءِ بِخِلَافِ الْقَاصِدِ حُصُولَ شَيْءٍ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيَجْعَلَ يَمِينَ رِدَائِهِ يَسَارَهُ وَعَكْسَهُ وَ) يَجْعَلَ (أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَعَكْسَهُ) وَالْأَوَّلُ تَحْوِيلٌ وَالثَّانِي تَنْكِيسٌ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «وَلِهَمِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالثَّانِي فِيهِ فَإِنَّهُ اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْإِدْرَارِ وَهُوَ الْإِكْثَارُ مِنْ اللَّبَنِ وَالضَّرْعُ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَحَلُّ اللَّبَنِ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَمِمَّا جُرِّبَ لِإِدْرَارِهِ أَنْ يُؤْخَذَ الشِّمْرَ الْأَخْضَرَ وَيُدَقَّ وَيُسْتَخْرَجَ مَاؤُهُ وَيُضَافُ إلَيْهِ قَدْرُهُ مِنْ عَسَلِ النَّحْلِ وَيُسْقَى لِمَنْ قَلَّ لَبَنُهَا مِنْ أَدِمْيَة أَوْ غَيْرِهَا وَبَرَكَاتُ السَّمَاءِ خَيْرَاتُهَا وَهُوَ الْمَطَرُ وَبَرَكَاتُ الْأَرْضِ النَّبَاتُ وَالثِّمَارُ قَالَ أَبُو حَيَّاتٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاءَ تَجْرِي مَجْرَى الْأَبِ وَالْأَرْضَ تَجْرِي مَجْرَى الْأُمِّ وَمِنْهُمَا يَحْصُلُ جَمِيعُ الْخَيْرَاتِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَدْبِيرِهِ وَالْبَلَاءُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمَدِّ الْحَالَةُ الشَّاقَّةُ وَسُقْيَا رَحْمَةٌ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وُصُولُ خَيْرٍ لَنَا وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِنَا مِنْ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ أَيْ وُصُولُ شَرٍّ لَنَا وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِنَا وَلَا مَحْقٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ أَيْ هَلَاكٌ وَإِذْهَابُ بَرَكَةٍ وَلَا هَدْمٌ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا أَيْ هَلَاكٌ بِوُقُوعِ الْأَبْنِيَةِ الْمَهْدُومَةِ وَلَا غَرَقٌ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ أَيْ هَلَاكٌ بِالْمَاءِ وَلَا بَلَاءٌ أَيْ اخْتِبَارٌ وَيُسَنُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ دُعَاءِ الْكَرْبِ وَهُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِينَ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَيَتَوَجَّهُ مِنْ نَحْوِ ثُلُثِ الثَّانِيَةِ) فَإِنْ تَوَجَّهَ أَيْ اسْتَقْبَلَ فِي الْأُولَى لَمْ يُعِدْهُ فِي الثَّانِيَةِ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ أَيْ تُكْرَهُ إعَادَتُهُ فِي الثَّانِيَةِ) كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْأُولَى وَإِنْ أَجْزَأَ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ فِي الثَّانِيَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ سِرًّا وَجَهْرًا) وَحِينَئِذٍ يُسِرُّ الْقَوْمُ حَالَةَ إسْرَارِهِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ حَالَةَ جَهْرِهِ قَالَ إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ دُعَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اللَّهُمَّ إنَّك أَمَرْتنَا بِدُعَائِك وَوَعَدْتنَا بِإِجَابَتِك وَقَدْ دَعَوْنَاك كَمَا أَمَرْتنَا فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدْتنَا اللَّهُمَّ فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةِ مَا قَارَفْنَا وَإِجَابَتِكَ فِي سُقْيَانَا وَسِعَةٍ فِي رِزْقِنَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ الْحَاضِرُونَ أَيْدِيَهُمْ) وَيُكْرَهُ رَفْعُ الْيَدِ الْمُتَنَجِّسَةِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِلٌ اُحْتُمِلَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ مُشِيرِينَ بِظُهُورِ أَكُفَّهُمْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى فِي قَوْلِهِمْ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَنَحْوِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَرَفْعَ الْبَلَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَالْحِكْمَةُ إلَخْ اهـ. ط ف أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْغَيْثِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى فِي قَوْلِهِمْ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَنَحْوِهِ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ بِهِ رَفْعَ الْبَلَاءِ وَيُخَالِفُهُ مَا مَرَّ لَهُ فِي الْقُنُوتِ وَعِبَارَتُهُ وَيَجْعَلُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ إنْ دَعَا بِرَفْعِ الْبَلَاءِ وَنَحْوِهِ وَعَكْسُهُ إنْ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْءٍ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ انْتَهَى وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي الْقُنُوتِ إلَى مَا هُنَا بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنْ طَلَبَ رَفْعَ شَيْءٍ أَيْ إنْ طَلَبَ مَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ رَفْعُ شَيْءٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنْ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْءٍ أَيْ إنْ دَعَا بِطَلَبِ تَحْصِيلِ شَيْءٍ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَحَاصِلُ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّنَاقُضِ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِظَهْرِ الْكَفِّ فِي كُلِّ صِيغَةٍ فِيهَا رَفْعٌ نَحْوَ اكْشِفْ وَارْفَعْ وَبِبَطْنِهِ فِي كُلِّ صِيغَةٍ فِيهَا تَحْصِيلٌ نَحْوَ اسْقِنَا وَأَنْبِتْ لَنَا وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَصْدِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَوْ اجْتَمَعَ التَّحْصِيلُ وَالدَّفْعُ رَاعَى الثَّانِيَ كَمَا لَوْ سَمِعَ شَخْصًا دَعَا بِهِمَا فَقَالَ اللَّهُمَّ افْعَلْ لِي مِثْلَ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ) أَيْ فِي جَعْلِ ظَهْرِ الْكَفِّ إلَى السَّمَاءِ
(قَوْلُهُ وَيَجْعَلُ يَمِينَ رِدَائِهِ) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَطْفَ عَلَى قَوْلِهِ وَيُبَالِغُ تَأَمَّلْ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُحَوَّلُ قِبَلَهُ وَقِيلَ وَيَتَخَيَّرُ اهـ. إيعَابٌ وَمَحَلُّ هَذَا الْجَعْلِ إنْ كَانَ لَابِسًا لَهُ وَانْظُرْ هَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلْبَسَهُ كَذَلِكَ يَظْهَرُ نَعَمْ لِيُحَصِّلَ هَذِهِ السُّنَّةَ وَوَافَقَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا زِيُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا هَكَذَا ضَبَّبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَالثَّانِي تَنْكِيسٌ) فِي الْمُخْتَارِ نَكَسَ الشَّيْءَ فَانْتَكَسَ قَلَبُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَبَابُهُ نَصَرَ وَنَكَّسَهُ تَنْكِيسًا وَالنُّكْسُ بِالضَّمِّ عَوْدُ الْمَرَضِ بَعْدَ النَّقَهِ وَقَدْ نُكِّسَ الرَّجُلُ نَكْسًا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَيُقَالُ تَعْسًا لَهُ وَنَكْسًا وَقَدْ يُفْتَحُ هَذَا لِلِازْدِوَاجِ أَوْ لِأَنَّهُ لُغَةٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ) «وَكَانَ طُولُ رِدَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرًا» اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ بِالثَّانِي فِيهِ) أَيْ فِي الثَّانِي فَتَنْحَلُّ الْعِبَارَةُ إلَى هَكَذَا وَلِهَمِّهِ بِالثَّانِي فِي الثَّانِي وَفِي هَذَا ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ لَهُ عَلَمَانِ وَقِيلَ أَعْلَامٌ مِنْ خَيْطٍ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَكُونُ مِنْ صُوفٍ وَغَيْرِهِ