وَاجِبٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ (وَبِبِرٍّ) كَصَدَقَةٍ وَتَوْبَةٍ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ أَثَرًا فِي إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَفِي خَبَرٍ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ «أَنَّ الصَّائِمَ لَا تُرَدُّ دَعَوْتُهُ»
(وَبِخُرُوجِهِمْ إلَى صَحْرَاءَ) بِلَا عُذْرٍ (فِي) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ) أَيْ مَهَنَةٍ (وَ) فِي (تَخَشُّعٍ) فِي مَشْيِهِمْ وَجُلُوسِهِمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى مَا إذَا نَوَى النَّذْرَ مَثَلًا وَالِاسْتِسْقَاءَ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لِفَوَاتِ الْمَعْنَى الَّذِي طُلِبَ لَهُ الْأَدَاءُ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ نَحْوَ قَضَاءٍ أَثِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ امْتِثَالُهُ بَاطِنًا كَمَا تَقَرَّرَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَوَى هُنَا الْأَمْرَيْنِ اُتُّجِهَ أَنْ لَا إثْمَ لِوُجُودِ الِامْتِثَالِ وَوُقُوعِ غَيْرِهِ مَعَهُ لَا مَنْعُهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَاجِبٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْهِيَّهُ كَمَأْمُورِهِ فَيَمْتَنِعُ ارْتِكَابُهُ وَلَوْ مُبَاحًا عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الْمَأْمُورِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَكَذَا يَجِبُ كُلُّ مَا أَمَرَ بِهِ حَتَّى إخْرَاجِ الصِّبْيَانِ وَالشُّيُوخِ وَالْبَهَائِمِ وَفِي حَجّ أَنَّهُ إنْ أَمَرَ بِمُبَاحٍ وَجَبَ ظَاهِرًا أَوْ بِمَنْدُوبٍ أَوْ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ وَجَبَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. اهـ. وَخَرَجَ بِالْمُبَاحِ الْمَكْرُوهُ كَأَنْ أَمَرَ بِتَرْكِ رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ فَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا مَا لَمْ تُخْشَ الْفِتْنَةُ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَاجِبٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ أَيْ وَلَا يَتَقَيَّدُ وُجُوبُ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِالِاسْتِسْقَاءِ بَلْ كُلُّ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ يَجِبُ بِأَمْرِهِ وَلَوْ مُبَاحًا وَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْصِيَةِ لَكِنْ يُعَزَّرُ مَنْ خَالَفَهُ لِشِقِّ الْعَصَا وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى الْإِمَامِ بِأَمْرِهِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَيَبْعُدُ إيجَابُ الشَّخْصِ شَيْئًا عَلَى نَفْسِهِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ كَصَدَقَةٍ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَوَجِّهَ عَلَيْهِ وُجُوبُ الصَّدَقَةِ بِالْأَمْرِ الْمَذْكُورِ مَنْ يُخَاطَبُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ فَمَنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ عَمَّا يُعْتَبَرُ ثَمَّ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ مِنْهُ بِأَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ هَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْإِمَامُ قَدْرًا فَإِنْ عَيَّنَ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ فَالْأَنْسَبُ بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ لُزُومُ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ لَكِنْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا فَضَلَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ يُقَارِبُ الْوَاجِبَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ قُدِّرَ بِهَا أَوْ فِي أَحَدِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ قُدِّرَ بِهِ أَيْ بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ مُوَافَقَتُهُ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ فَحَيْثُ لَزِمَهُ بَيْعُهُ فِي أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ عِتْقُهُ إذَا أَمَرَهُ بِهِ الْإِمَامُ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَتَوْبَةٌ) أَيْ بِأَنْ يُقْلِعَ عَنْ الْمَعَاصِي وَيَنْدَمَ عَلَيْهَا وَيَعْزِمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا وَوُجُوبُهَا بِالْأَمْرِ تَأْكِيدٌ لِوُجُوبِهَا شَرْعًا وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ
(فَائِدَةٌ) قِيلَ «أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَسْقَى لِقَوْمِهِ فَلَمْ يُسْقَوْا فَقَالَ يَا رَبِّ بِأَيِّ شَيْءٍ مَنَعْتنَا الْغَيْثَ فَقَالَ يَا مُوسَى إنَّ فِيكُمْ رَجُلًا عَاصِيًا قَدْ بَارَزَنِي بِالْمَعَاصِي أَرْبَعِينَ سَنَةً فَطَلَعَ مُوسَى عَلَى تَلٍّ عَالٍ وَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَيُّهَا الْعَاصِي قَدْ مُنِعْنَا الْغَيْثَ بِسَبَبِك فَنَظَرَ الْعَاصِي يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَمْ يَرَ أَحَدًا خَرَجَ فَعَلِمَ أَنَّهُ الْمَطْلُوبُ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ إنْ خَرَجْت افْتَضَحْت وَإِنْ قَعَدْت مُنِعُوا مِنْ أَجْلِي إلَهِي قَدْ تُبْت إلَيْك فَاقْبَلْنِي فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِمْ الْغَيْثَ وَسُقُوا حَتَّى رُوُوا فَتَعَجَّبَ مُوسَى فَقَالَ يَا رَبِّ سَقَيْتنَا وَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْ بَيْنِنَا فَقَالَ يَا مُوسَى الَّذِي مَنَعْتُكُمْ بِهِ قَدْ تَابَ إلَيَّ وَرَجَعَ فَقَالَ يَا رَبِّ دُلَّنِي عَلَيْهِ فَقَالَ يَا مُوسَى أَنْهَاكُمْ عَنْ النَّمِيمَةِ وَأَكُونُ نَمَّامًا» اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَبِخُرُوجِهِمْ إلَى صَحْرَاءَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا وَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَكَّةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ لِفَضْلِ الْبُقْعَةِ وَسِعَتِهَا وَلِأَنَا مَأْمُورُونَ بِإِحْضَارِ الصِّبْيَانِ وَمَأْمُورُونَ بِأَنَّا نُجَنِّبُهُمْ الْمَسَاجِدَ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ) وَيَنْبَغِي لِكُلٍّ مِنْهُمْ تَخْفِيفُ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَا أَمْكَنَ وَفَارَقَ مَا هُنَا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ حَيْثُ لَا يُسَنُّ لِلْحَاجِّ بِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ وَالسَّفَرِ وَبِأَنَّ مَحَلَّ الدُّعَاءِ ثَمَّ آخِرُ النَّهَارِ وَالْمَشَقَّةُ الْمَذْكُورُ مُضْعِفَةٌ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَضِيَّةُ الْفَرْقَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا هُنَا مُسَافِرِينَ صَلَّوْا آخِرَ النَّهَارِ لَا صَوْمَ عَلَيْهِمْ بَلْ قَضِيَّةُ الْأَوَّلِ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ صَلَّوْا أَوَّلَ النَّهَارِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا أَمَرَ هُنَا صَارَ وَاجِبًا وَقَالَ الشَّيْخُ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ وُجُوبُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْمُسَافِرُ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَلَا وُجُوبَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ لِكَوْنِ الْفِطْرِ أَفْضَلَ وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ طَلَبُ الصَّوْمِ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ دَعْوَةَ الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَهَنَةٍ أَيْ مَا يُلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ فِي وَقْتِ الشُّغْلِ وَمُبَاشَرَةِ الْخِدْمَةِ وَتَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِحَالِهِمْ وَهُوَ يَوْمُ مَسْأَلَةٍ وَاسْتِكَانَةٍ وَبِهِ فَارَقَ الْعِيدَ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَا يَلْبَسُ الْجَدِيدَ مِنْ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ أَيْضًا. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَتَخْشَعُ) مَعْطُوفٌ عَلَى ثِيَابٍ لَا عَلَى بِذْلَةٍ كَمَا قِيلَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِصِفَتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ الَّتِي ثِيَابُ الْبِذْلَةِ وَصْلَةٌ