تَجْبُرُهُ وَقِيسَ بِالْمُحَارِبِ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْمُرَخَّصَ هُوَ السَّفَرُ لَا الْمُحَارَبَةُ، وَفَارَقَ مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ فِي الْأَرْبَعَةِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّهُ ثَمَّ مُطْمَئِنٌّ بَعِيدٌ عَنْ هَيْئَةِ الْمُسَافِرِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَ) يَنْتَهِي سَفَرُهُ أَيْضًا (بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ مَاكِثًا) وَلَوْ مِنْ طَوِيلٍ (لَا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ) بِأَنْ نَوَى رُجُوعَهُ إلَى وَطَنِهِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا يَقْصُرُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنْ سَافَرَ فَسَفَرٌ جَدِيدٌ فَإِنْ كَانَ طَوِيلًا قَصَرَ وَإِلَّا فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ وَلَوْ مِنْ قَصِيرٍ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ لَمْ يَنْتَهِ سَفَرُهُ بِذَلِكَ وَكَنِيَّةِ الرُّجُوعِ التَّرَدُّدُ فِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَقَوْلِي مَاكِثًا إلَخْ مِنْ زِيَادَتِي.
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا (لِلْقَصْرِ شُرُوطٌ) ثَمَانِيَةٌ أَحَدُهَا (سَفَرٌ طَوِيلٌ) وَإِنْ قَطَعَهُ فِي لَحْظَةٍ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ إنْ سَافَرَ (لِغَرَضٍ) صَحِيحٍ (وَلَمْ يَعْدِلْ) عَنْ قَصِيرٍ (إلَيْهِ) أَيْ الطَّوِيلِ (أَوْ عَدَلَ) عَنْهُ إلَيْهِ (لِغَرَضٍ غَيْرِ الْقَصْرِ) كَسُهُولَةٍ وَأَمْنٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ، وَهَوَازِنُ اسْمٌ لِقَبِيلَةِ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ كَانُوا مُقِيمِينَ بِحُنَيْنٍ، وَهُوَ مَكَانٌ قُرْبَ الْجِعْرَانَةِ، وَبَعْدَ أَنْ غَزَاهُمْ، وَظَفَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذَهَبَ لِلطَّائِفِ وَغَزَا أَهْلَهُ، وَظَفَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْجِعْرَانَةِ فَقَسَّمَ غَنِيمَةَ هَوَازِنَ هُنَاكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالْمُحَارِبِ) أَيْ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ النَّبِيَّ كَانَ مُحَارِبًا أَيْ مُنْتَظِرًا لِلْحَرْبِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَفَارَقَ مَا لَوْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ فَارَقَ الْمُسَافِرُ الَّذِي تَوَقَّعَ إرْبَهُ كُلَّ وَقْتٍ حَيْثُ يَقْصُرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا الْمُسَافِرُ الَّذِي عَلِمَ أَنَّ إرَبَهُ لَا يَنْقَضِي فِي الْأَرْبَعَةِ حَيْثُ يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِقَامَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ، وَبِإِقَامَتِهِ إلَخْ، وَغَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الَّذِي سَوَّى بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فِي امْتِنَاعِ الْقَصْرِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ كَمَا عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ، وَشَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَبِنِيَّةِ رُجُوعِهِ مَاكِثًا) أَيْ وَلَوْ بِمَكَانٍ لَا يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ شَرْحَ الرَّوْضِ، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ مُحْتَرَزِ هَذَا الْقَيْدِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَهُوَ سَائِرٌ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ سَفَرُهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ مَعَ السَّيْرِ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فَنِيَّةُ الرُّجُوعِ مَعَهُ كَذَلِكَ اهـ. شَرْحَ م ر وَقَوْلُهُ وَهُوَ سَائِرٌ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ كَذَا قَيَّدَ بِهَذَا الْقَيْدِ حَجّ، وَفِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ قُصُورٌ، وَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِي سَيْرِهِ بَيْنَ كَوْنِهِ لِجِهَةٍ مَقْصِدِهِ أَوْ غَيْرِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْضًا، وَبِنِيَّةِ رُجُوعِهِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ اهـ. شَرْحُ م ر وحج، وَخَرَجَ غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الرُّجُوعِ، وَلَا لِتَرَدُّدِهِ فِيهِ نَعَمْ لَوْ شَرَعَ فِي الرُّجُوعِ بِأَنْ سَارَ رَاجِعًا، وَالْمَحَلُّ قَرِيبٌ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الِانْقِطَاعُ فَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ بَعِيدًا فَيَتَّجِهُ الْقَطْعُ حَيْثُ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَاصٍ بِالسَّفَرِ اهـ. سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ طَوِيلٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ سَفَرٍ طَوِيلٍ بِأَنْ كَانَ نِيَّةُ رُجُوعِهِ بَعْدَ قَطْعِ مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ قَصِيرٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ سَفَرٍ قَصِيرٍ بِأَنْ كَانَ نِيَّةُ رُجُوعِهِ قَبْلَ قَطْعِ مَرْحَلَتَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ إلَخْ) مَنْطُوقُ هَذَا ثَلَاثُ صُوَرٍ بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ بِأَنْ نَوَى رُجُوعَهُ إلَى وَطَنِهِ أَيْ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا هَاتَانِ صُورَتَانِ، وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُ أَوْ إلَى غَيْرِهِ إلَخْ، وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ إلَخْ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي نَوَى فِيهِ الرُّجُوعَ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر امْتَنَعَ قَصْرُهُ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ كَمَا حَرَّمُوا بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَافَرَ) أَيْ لِمَقْصِدِهِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ لَمَّا خَرَجَ مِنْهُ اهـ. شَرْحَ م ر (قَوْلُهُ وَكَنِيَّةِ الرُّجُوعِ) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ ثَلَاثَةٌ الْمَنْطُوقُ، وَوَاحِدَةٌ الْمَفْهُومُ تَأَمَّلْ.
(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ، وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَتَوَابِعِهَا انْتَهَتْ أَيْ مِنْ التَّفَارِيعِ عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَمِنْ قَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ صَوْمٌ لَمْ يَضُرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ شُرُوطٌ ثَمَانِيَةٌ) ، وَهِيَ طُولُ السَّفَرِ، وَجَوَازُهُ، وَعِلْمُ الْمَقْصِدِ، وَعَدَمُ الرَّبْطِ بِمُقِيمٍ، وَنِيَّةُ الْقَصْرِ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي لَهَا، وَدَوَامُ السَّفَرِ، وَالْعِلْمُ بِالْكَيْفِيَّةِ، وَسَتَأْتِي اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَحَدُهَا سَفَرٌ طَوِيلٌ) هَلَّا قَالَ طُولُ سَفَرٍ كَمَا قَالَ ثَانِيهَا جَوَازُهُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِمَا ذَكَرَ لَا، وَهْمَ أَنَّ الْمُرَخَّصَ الطُّولُ، وَإِنَّهُ قَبْلَ طُولِهِ لَا تَرَخُّصَ لَهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ السَّفَرُ فَقَطْ، وَالطُّولُ وَصْفٌ لَهُ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ سَفَرٌ طَوِيلٌ لِغَرَضٍ) الشَّرْطُ مَجْمُوعُ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْهَا، وَهَذَا نَظِيرُ الْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ مَعَانٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَهُ فِي لَحْظَةٍ) فَإِنْ قُلْت إذَا قَطَعَ الْمَسَافَةَ فِي لَحْظَةٍ صَارَ مُقِيمًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَرَخُّصُهُ فِيهَا قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ وُصُولِ الْمَقْصِدِ انْتِهَاءُ السَّفَرِ لِكَوْنِهِ نَوَى فِيهِ إقَامَةً لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّحْظَةِ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَانِ الَّتِي تَسَعُ التَّرَخُّصَ اهـ. زي.
(قَوْلُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ) أَيْ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ، وَلَوْ بِقَصْدِ أَنْ يُبَاحَ لَهُ الْفِطْرُ اهـ. حَلَبِيٌّ، وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ أَنْ يُبَاحَ لَهُ الْفِطْرُ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَرَضُ فِي الْعُدُولِ مُجَرَّدُ الْقَصْرِ لَا يَقْصُرُ فَإِذَا كَانَ قَصْدُهُ الْقَصْرُ لَيْسَ غَرَضًا مُصَحِّحًا لِلْعُدُولِ فَكَيْفَ يَكُونُ غَرَضًا صَحِيحًا فِي أَصْلِ السَّفَرِ تَأَمَّلْ. إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَذْكُورُ هُنَا قَصْدُ إبَاحَةِ الْقَصْرِ، وَفِيمَا يَأْتِي قَصْدُ الْقَصْرِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَأَيْت لَهُ أَيْ لِلْحَلَبِيِّ فِيمَا يَأْتِي مَا نَصُّهُ، وَقَوْلُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أَيْ لِغَيْرِ قَصْرِ الصَّلَاةِ فَقَصْرُ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ الْأَغْرَاضِ بِخِلَافِ قَصْدِ إبَاحَةِ الْقَصْرِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إبَاحَتِهِ وُجُودُهُ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ عَدَلَ لِغَرَضٍ غَيْرِ الْقَصْرِ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَقْصِدَهُ لَهُ طَرِيقَانِ طَرِيقٌ قَصِيرٌ لَا يَبْلُغُ مَرْحَلَتَيْنِ، وَطَرِيقٌ طَوِيلٌ يَبْلُغُهُمَا فَسَلَكَ