(وَ) أَنْ يَزِيدَ مَنْ مَرَّ (الدُّعَاءَ فِيهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» أَيْ فِي سُجُودِكُمْ وَالتَّقْيِيدُ بِمَنْ مَرَّ مِنْ زِيَادَتِي فِي هَذَا.
(وَ) ثَامِنُهَا (جُلُوسٌ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ (بِطُمَأْنِينَةٍ) لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ (وَلَا يُطَوِّلُهُ وَلَا الِاعْتِدَالُ) ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ لِذَاتِهِمَا بَلْ لِلْفَصْلِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَطْوِيلِهِمَا فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ (وَسُنَّ) لَهُ (أَنْ يُكَبِّرَ) مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ سُجُودِهِ بِلَا رَفْعٍ لِيَدَيْهِ (وَ) أَنْ (يَجْلِسَ مُفْتَرِشًا) كَمَا سَيَأْتِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك عَنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك " وَمِنْهُ " سَجَدَ لَك سَوَادِي وَخَيَالِي وَآمَنَ بِك فُؤَادِي أَبُوءُ بِنِعْمَتِك عَلَيَّ هَذِهِ يَدِي وَمَا جَنَيْت بِهَا عَلَى نَفْسِي يَا عَظِيمُ يُرْجَى لِكُلِّ عَظِيمٍ " وَمِنْهُ " أَعْطِ رَبِّ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا " وَيَأْتِي الْمَأْمُومُ بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ بِقَدْرِ رُكْنٍ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش.
قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ أَيْ أَنْتَ مُنَزَّهٌ عَنْ سَائِرِ النَّقَائِصِ أَبْلَغَ تَنْزِيهٍ وَمُتَطَهِّرٌ عَنْهَا أَبْلَغَ تَطْهِيرٍ وَلَعَلَّهُ يَأْتِي بِهِ قَبْلَ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالتَّسْبِيحِ بَلْ هُوَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ الْمُرَادُ بِالرُّوحِ جِبْرِيلُ وَقِيلَ مَلَكٌ لَهُ أَلْفُ رَأْسٍ لِكُلِّ رَأْسٍ مِائَةُ أَلْفِ وَجْهٍ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِائَةُ أَلْفِ فَمٍ فِي كُلِّ فَمٍ مِائَةُ أَلْفِ لِسَانٍ كُلُّ لِسَانٍ يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى بِلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَقِيلَ خَلْقٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ وَلَا تَرَاهُمْ فَهُمْ لِلْمَلَائِكَةِ كَالْمَلَائِكَةِ لِبَنِي آدَمَ اهـ دَمِيرِيٌّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالدُّعَاءُ فِيهِ) أَيْ: السُّجُودِ وَتَخْصِيصُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الدُّعَاءَ بِالسُّجُودِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي الرُّكُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي السُّجُودِ آكَدُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَخْ) أَقْرَبُ مَا يَكُونُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ لِسَدِّ الْحَالِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ سَاجِدٌ مَسَدَّهُ أَيْ: أَقْرَبُ أَكْوَانِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ حَاصِلٌ إذَا كَانَ إلَخْ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ أَخْطَبُ مَا يَكُونُ الْأَمِيرُ قَائِمًا إلَّا أَنَّ الْحَالَ ثَمَّةَ مُفْرَدَةٌ وَهُنَا جُمْلَةٌ مَقْرُونَةٌ بِالْوَاوِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ خَطَأُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ خَبَرُ قَوْلِهِ أَقْرَبُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ: فِي سُجُودِكُمْ) تَتِمَّتُهُ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَوْ فَتْحِهَا بِمَعْنَى حَقِيقٌ وَفِي النِّهَايَةِ مَنْ فَتَحَ فَهُوَ مَصْدَرٌ وَمَنْ كَسَرَ فَهُوَ وَصْفٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ وَعِمَادُ الدِّينِ وَنُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الْبَلَاءَ لَيَنْزِلُ فَيَتَلَقَّاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبُ عَلَيْهِ» وَأَنْشَدُوا
اللَّهُ يَغْضَبُ إنْ تَرَكْت سُؤَالَهُ ... وَبَنِي آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى بِعَظِيمٍ مِنْ خَلْقِهِ كَالنَّبِيِّ وَالْمَلِكِ وَالْوَلِيِّ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَيُسَنُّ ذَلِكَ لِلْمَأْمُومِ إذَا أَطَالَ إمَامُهُ السُّجُودَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي نَفْلٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي النَّفْلِ وَأَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ فِيهِ لَا خِلَافَ فِيهَا وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْعُبَابِ عَكْسُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ فِيهَا خِلَافٌ فِي النَّافِلَةِ وَأَنَّ الْجُلُوسَ فِي النَّافِلَةِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الِاعْتِدَالِ عَنْ ع ش عَنْ ابْنِ الْمُقْرِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَيْسَ رُكْنًا فِي النَّفْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُطَوِّلُهُ وَلَا الِاعْتِدَالُ) الْمُرَادُ بِالطُّولِ الْمُبْطِلِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِي الِاعْتِدَالِ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَأَنْ يَزِيدَ عَلَى الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِي الْجُلُوسِ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ أَيْ بِقَدْرِ أَلْفَاظِهِ الْوَاجِبَةِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ فَإِنْ طَوَّلَ أَحَدُهُمَا فَوْقَ ذِكْرِهِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ فِي الِاعْتِدَالِ وَأَقَلِّ التَّشَهُّدِ فِي الْجُلُوسِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَتْ. وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ الْمُبْطِلَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ فَأَكْثَرُ زِيَادَةً عَلَى مَا يُطْلَبُ لِذَلِكَ الْمُصَلِّي عِنْدَ حَجّ وَشَيْخِنَا م ر وَعَلَى مَا يُطْلَبُ لِلْمُنْفَرِدِ مُطْلَقًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَتَطْوِيلُ الْجُلُوسِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ التَّشَهُّدَ الْوَاجِبَ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ اهـ وَسَيَأْتِي إيضَاحُ هَذَا الْمَحَلِّ فِيمَا كَتَبْنَاهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَطْوِيلِهِمَا إلَخْ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي الِاعْتِدَالِ فِي غَيْرِ الِاعْتِدَالِ الْأَخِيرِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لِوُرُودِ تَطْوِيلِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ النَّازِلَةُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يُكَبِّرَ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ وَأَكْمَلَهُ كَمَا قَالَ فِيمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِالْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ وَهَذِهِ سُنَنٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنْ وَضَعَ الْأَعْضَاءَ مِنْ مُسَمَّى السُّجُودِ فَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ تَقَدُّمِ وَضْعِهَا وَتَأَخُّرِهِ فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْمَلُ وَمِثْلُهُ الرُّكُوعُ فَلْيُتَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَجْلِسَ مُفْتَرِشًا) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ