تَقَدَّمَ رُكُوعُ الْقَاعِدِ (وَأَقَلُّهُ) لِلْقَائِمِ (انْحِنَاءٌ) خَالِصٌ (بِحَيْثُ تَنَالُ رَاحَتَا مُعْتَدِلِ خِلْقَةٍ رُكْبَتَيْهِ) إذَا أَرَادَ وَضْعَهُمَا عَلَيْهِمَا فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِانْخِنَاسٍ أَوْ بِهِ مَعَ انْحِنَاءٍ لَمْ يَكْفِ، وَالرَّاحَتَانِ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْكَفَّيْنِ وَقَوْلِي انْحِنَاءٌ مَعَ مُعْتَدِلِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQصَلَاةَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ كَانَتْ لَا رُكُوعَ فِيهَا وَلَا جَمَاعَةَ وَكَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ كَأُمَمِهِمْ يَسْتَفْتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ أَيْ وَكَانَ دَأْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إحْرَامِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ سِوَاهَا كَالنِّيَّةِ وَلَا يَشْكُلُ عَلَى الرُّكُوعِ قَوْله تَعَالَى لِمَرْيَمَ {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْخُضُوعُ أَوْ الصَّلَاةُ لَا الرُّكُوعُ الْمَعْهُودُ كَمَا قِيلَ لَكِنْ فِي الْبَغَوِيّ قِيلَ إنَّمَا قُدِّمَ السُّجُودُ عَلَى الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فِي شَرِيعَتِهِمْ وَقِيلَ: بَلْ كَانَ الرُّكُوعُ قَبْلَ السُّجُودِ فِي الشَّرَائِعِ كُلِّهَا وَلَيْسَتْ الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ بَلْ لِلْجَمْعِ هَذَا كَلَامُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ بِحُرُوفِهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ تَقَدَّمَ رُكُوعُ الْقَاعِدِ) أَيْ الْقَادِرِ وَهُوَ أَنَّ أَقَلَّهُ أَنْ يَنْحَنِيَ إلَى أَنْ تُحَاذِيَ جَبْهَتُهُ مَا أَمَامَ رُكْبَتَيْهِ وَأَكْمَلُهُ أَنْ يَنْحَنِيَ إلَى أَنْ تُحَاذِيَ جَبْهَتُهُ مَحَلَّ سُجُودِهِ اهـ ح ل فَهَذَا اعْتِذَارٌ عَنْ تَرْكِ الْمَتْنِ لَهُ هُنَا كَمَا تَرَكَهُ الْأَصْلُ وَاعْتَذَرَ م ر فِي شَرْحِهِ عَنْهُ بِمِثْلِ مَا اعْتَذَرَ بِهِ الشَّارِحُ اهـ لِكَاتِبِهِ.

(قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ انْحِنَاءٌ إلَخْ) وَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِمُعِينٍ أَوْ اعْتِمَادِهِ عَلَى شَيْءٍ أَوْ انْحَنَى عَلَى شِقِّهِ لَزِمَهُ وَالْعَاجِزُ يَنْحَنِي قَدْرَ إمْكَانِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِانْحِنَاءِ أَصْلًا أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِطَرَفِهِ وَلَوْ شَكَّ هَلْ انْحَنَى قَدْرًا تَصِلُ بِهِ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ لَزِمَهُ إعَادَةُ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَالرَّاحَةُ بَطْنُ الْكَفِّ وَتَعْبِيرُهُ بِهَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَصَابِعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ التَّنْبِيهِ الِاكْتِفَاءَ بِهَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِمُعِينٍ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَهُ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الدَّوَامِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْقِيَامِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِمُعِينٍ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقِيَامِ إلَّا مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَوْ إلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ إلَّا بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورُهُ اهـ وَمُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ ثُمَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ فَيَلْزَمُهُ أَوْ فِي الدَّوَامِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ زَمَنُ الرُّكُوعِ أَقْصَرَ مِنْ زَمَنِ الْقِيَامِ لَزِمَهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ بِالْمُعِينِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْقِيَامِ فَإِنَّ زَمَنَهُ أَطْوَلُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ حَيْثُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَوَامِهِ إلَّا بِمُعِينٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمَتْنِ بِحَيْثُ تَنَالُ إلَخْ أَيْ: يَقِينًا لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي النَّيْلِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَصِحَّ رُكُوعُهُ.

(قَوْلُهُ رَاحَتَا مُعْتَدِلٍ إلَخْ) مُفْرَدُهُ رَاحَةٌ وَالْجَمْعُ رَاحٌ بِغَيْرِ تَاءٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ مُعْتَدِلٌ خِلْقَةً) فَلَوْ طَالَتْ يَدَاهُ أَوْ قَصُرَتَا أَوْ قُطِعَ شَيْءٌ مِنْهُمَا لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ اهـ ح ل بَلْ يَقْدِرُ مُعْتَدِلًا اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ) أَيْ النَّيْلُ الْمَفْهُومُ مِنْ تَنَالُ وَقَوْلُهُ بِانْخِنَاسٍ مَفْهُومُ الِانْحِنَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِهِ إلَخْ مَفْهُومٌ خَالِصٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَوْ حَصَّلَ ذَلِكَ بِانْخِنَاسٍ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ بِأَنْ اسْتَوَى وَرَكَعَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ أَخَلَّ بِحَرْفٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ وَقَضِيَّةُ صَنِيعِ حَجّ الْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ حَيْثُ قَالَ: انْحِنَاءً خَالِصًا لَا مَشُوبًا بِانْخِنَاسٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ اهـ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بَعْدَ فَرْضِهِ فِي الْعَامِدِ الْعَالِمِ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ بِالِانْخِنَاسِ زِيَادَةُ فِعْلٍ غَيْرِ مَطْلُوبٍ فَهِيَ تَلَاعُبٌ أَوْ شِبْهِهِ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ لِإِطْلَاقِهِمْ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ كَالشَّيْخِ وَحُمِلَ كَلَامُ حَجّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعُدَّهُ عَلَى الصَّوَابِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ بِانْخِنَاسٍ) الِانْخِنَاسُ أَنْ يَخْفِضَ عَجِيزَتَهُ وَيَرْفَعَ أَعْلَاهُ وَيُقَدِّمَ صُدُورَهُ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي الْمِصْبَاحِ خَنِسَ الْأَنْفُ خَنَسًا مِنْ بَابِ تَعِبَ انْخَفَضَتْ قَصَبَتُهُ فَالرَّجُلُ أَخْنَسُ وَالْمَرْأَةُ خَنْسَاءُ وَخَنَسْت الرَّجُلَ خَنْسًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَخَّرْته أَوْ قَبَضْته فَانْخَنَسَ مِثْلَ كَسَرْته فَانْكَسَرَ وَيُسْتَعْمَلُ لَازِمًا أَيْضًا فَيُقَالُ خَنِسَ هُوَ وَمِنْ الْمُتَعَدِّي فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَخَنَّسَ إبْهَامَهُ أَيْ قَبَضَهَا وَمِنْ الثَّانِي الْخَنَّاسُ فِي صِفَةِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ لِلْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخْنِسُ إذَا سَمِعَ ذِكْرَ اللَّهِ أَيْ يَنْقَبِضُ وَيُعَدَّى بِالْأَلِفِ اهـ.

(قَوْلُهُ مَا عَدَا الْأَصَابِعِ مِنْ الْكَفَّيْنِ) فَلَوْ انْحَنَى بِحَيْثُ تَصِلُ أَصَابِعُهُ دُونَ كَفَّيْهِ لَمْ يَكْفِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَقَوْلُ انْحِنَاءٍ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ أَنْ يَنْحَنِيَ وَغَايَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَصْدَرٌ مُؤَوَّلٌ وَهَذَا مَصْدَرٌ صَرِيحٌ وَأَجَابَ الطَّنْدَتَائِيُّ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَصْدَرًا صَرِيحًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ مَجْمُوعَ الِانْحِنَاءِ مَعَ مُعْتَدِلِ خِلْقَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الِانْحِنَاءَ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنَّ نُسْخَةَ الشَّيْخِ الَّتِي اخْتَصَرَهَا هِيَ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الْجَلَالُ وَهِيَ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015