نَحْوُ «وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ أَدْرَكَ إمَامَهُ قَاعِدًا أَوْ قَعَدَ مَعَهُ لَمْ يُسَنَّ لَهُ الِافْتِتَاحُ فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَ إمَامِهِ بِأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ أَوْ قَامَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ وَقَبْلَ قُعُودِهِ مَعَهُ فِيهِمَا نُدِبَ لَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ نَدْبِهِ إذَا قَعَدَ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَفُوتُ وَقْتُهُ بِالْقُعُودِ اهـ اج انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ نَحْوُ وَجَّهْت وَجْهِي إلَخْ) أَفْهَمَ صَنِيعُهُ أَنَّ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ لَهُ صِيَغٌ أُخَرُ غَيْرُ هَذِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَمِنْهَا " اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك ظَلَمْت نَفْسِي وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك أَنَا بِك وَإِلَيْك تَبَارَكْت وَتَعَالَيْت أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْك " اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَمِنْهَا " سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ " اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِنْهَا " الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ " وَمِنْهَا " اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا " وَمِنْهَا «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْمُرَادُ الْمَغْفِرَةُ لَا الْغُسْلُ الْحَقِيقِيُّ وَبِأَيِّهَا افْتَتَحَ حَصَّلَ أَصْلَ السُّنَّةِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ قَوْلُهُ نَحْوُ وَجَّهْت وَجْهِي إلَخْ أَفْضَلُهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ جَمِيعِ ذَلِكَ لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامِ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا نَحْوَ وَجَّهْت وَجْهِي) أَيْ: أَقْبَلْت بِوَجْهِي وَالْمُرَادُ ذَاتِي وَقِيلَ قَصَدْت بِعِبَادَتِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: وَنَحْوُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا اهـ شَرْحُ م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَوَصَلَ كَبِيرًا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَيْثُ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّحَرُّمَ وَلَا الِافْتِتَاحَ مَعَ كَوْنِهِ قَاصِدًا لِلْفِعْلِ مَعَ التَّعْيِينِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَلَا يَشْكُلُ هَذَا بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَطْلَقَ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ لِتَعَارُضِ قَرِينَتَيْ الِافْتِتَاحِ وَالْهَوِيِّ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَكْبِيرَ الْهَوِيِّ ثَمَّ مَطْلُوبٌ بِخُصُوصِهِ فَصَلُحَ مُعَارِضًا لِلتَّحَرُّمِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ الِافْتِتَاحُ وَهُوَ كَمَا يَحْصُلُ بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ بَلْ وَجَّهْت أَوْلَى مِنْهُ فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عَنْ تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ فَلَمْ يَصْلُحْ مُعَارِضًا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ مِنْ قَوْلِهِ.
(فَرْعٌ) نَوَى مَعَ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا إلَخْ فَهَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ وَلَا يَضُرُّ مَا وَصَلَهُ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ قَوْلِهِ كَبِيرًا إلَخْ الْوَجْهُ نَعَمْ اهـ م ر اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لِلَّذِي فَطَرَ) أَيْ: أَبْدَعَ أَوْ أَوْجَدَ أَوْ ابْتَدَأَ الْخَلْقَ أَوْ الشَّيْءَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ السَّمَوَاتِ) جَمْعُ سَمَاءٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْأَجْرَامُ الْمَخْصُوصَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْأَفْلَاكِ الْعُلْوِيَّةِ الدَّائِمَةِ الْحَرَكَةِ لِنَفْعِ الْعَالَمِ وَجَمَعَهَا لِانْتِفَاعِنَا بِجَمْعِ الْأَجْرَامِ الَّتِي فِيهَا مِنْ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ وَغَيْرِهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا؛ لِأَنَّ السَّبْعَ السَّيَّارَةَ وَهِيَ زُحَلُ وَالْمُشْتَرَى وَالْمِرِّيخُ وَالشَّمْسُ وَالزَّهْرَةُ وَعُطَارِدُ وَالْقَمَرُ مُثْبَتَةٌ فِيهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ
زُحَلُ شَرَى مِرِّيخَهُ مِنْ شَمْسِهِ ... فَتَزَاهَرَتْ لِعُطَارِدَ الْأَقْمَارُ
وَمَا عَدَاهَا فِي الْفَلَكِ الثَّامِنِ الْمُسَمَّى بِالْكُرْسِيِّ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالسَّمَاوَاتِ مَا يَشْمَلُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْأَرْضَ) إنَّمَا أَفْرَدَهَا لِانْتِفَاعِنَا بِالطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فَقَطْ وَاخْتُلِفَ هَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ عَكْسُهُ؟ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ تَبَعًا لِلْعَلَّامَةِ حَجّ أَنَّ السَّمَاءَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يُعْصَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا قَطُّ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْبُقْعَةِ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا هِيَ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ قَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ وَمِثْلُهَا الْبُقَعُ الَّتِي ضَمَّتْ بَقِيَّةَ الْأَنْبِيَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ حَنِيفًا) يُطْلَقُ الْحَنِيفُ عَلَى الْمَائِلِ وَعَلَى الْمُسْتَقِيمِ أَيْ مَائِلًا عَنْ كُلِّ الْأَدْيَانِ الْمُخَالِفَةِ لِدِينِ الْحَقِّ وَهُوَ الْإِسْلَامُ أَوْ مُسْتَقِيمًا عَلَيْهِ وَعِنْدَ الْعَرَبِ مَنْ كَانَ عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مُسْلِمًا) أَيْ: مُنْقَادًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ إنَّ صَلَاتِي) أَيْ: عِبَادَتِي الْمَخْصُوصَةَ وَنُسُكِي