بِلَا بَيِّنَةٍ بِهِ لَمْ يُجِبْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُنَازِعٌ وَقِيلَ يُجِيبُهُمْ وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ.

[كتاب الشهادات]

(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) جَمْعُ شَهَادَةٍ وَهِيَ إخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِلَفْظٍ خَاصٍّ وَالْأَصْلُ فِيهَا آيَاتٌ كَآيَةِ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ» وَأَرْكَانُهَا شَاهِدٌ وَمَشْهُودٌ لَهُ وَمَشْهُودٌ عَلَيْهِ وَمَشْهُودٌ بِهِ وَصِيغَةٌ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (الشَّاهِدُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ ذُو مُرُوءَةٍ يَقِظٌ نَاطِقٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ) عَلَيْهِ (بِسَفَهٍ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQخَرَجَ فِي الْمِثَالِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ مُسْتَحَقَّةٌ اثْنَانِ مِنْ نَصِيبِ زَيْدٍ وَوَاحِدَةٌ مِنْ نَصِيبِ عَمْرٍو وَقَوْلُهُ بِأَنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ شَائِعًا كَأَنْ اُسْتُحِقَّ رُبْعُ الْعِشْرِينَ فَيَكُونُ شَرِيكًا لِكُلٍّ بِرُبْعِ مَا أَخَذَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ مُعَيَّنًا سَوَاءٌ كَأَنْ خَرَجَ فِي الْمِثَالِ ثِنْتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ نَصِيبِ وَاحِدٍ فَيَأْخُذُهُمَا الْمُسْتَحِقُّ وَتَبْقَى الْقِسْمَةُ فِي الْبَاقِي (قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ بِهِ) فَلَوْ أَقَامُوا بِهِ بَيِّنَةً، وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدٌ أَوْ يَمِينًا أَجَابَهُمْ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمْ بِالْمِلْكِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ إلَّا عَلَى خَصْمٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُمْ خَصْمٌ غَائِبٌ كَذَا قِيلَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لَمْ يُجِبْهُمْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَإِذَا قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ فَقَدْ يَدَّعُونَ الْمِلْكَ مُحْتَجِّينَ لِقِسْمَةِ الْقَاضِي وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْقَاضِي إثْبَاتٌ لِمِلْكِهِمَا وَالْيَدَ تُوجِبُ إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ اهـ عَنَانِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَمْ يُجِبْهُمْ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ فِي قَضِيَّةٍ طُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا حُكْمٌ، وَهُوَ لَا يَكُونُ بِقَوْلِ ذِي الْحَقِّ وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ هُنَا مَعَ عَدَمِ سَبْقِ دَعْوَى لِلْحَاجَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُمْ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ انْتَهَتْ.

[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

قُدِّمَتْ عَلَى الدَّعْوَى نَظَرًا لِتَحَمُّلِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ بِلَفْظِ أَشْهَدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ إخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِلَفْظٍ خَاصٍّ فَهُوَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ لِنَحْوِ الشَّهَادَةِ بِالْهِلَالِ وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ الْأَوَّلِ لِأَجْلِ قَوْلِهِمْ وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ وَعَكْسُهُ الدَّعْوَى وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ أَرْكَانَهَا خَمْسَةٌ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ) أَيْ، وَهُوَ أَشْهَدُ أَيْ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ بِشَرْطِهِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَك) أَيْ يَا مُدَّعِي وَقَوْلُهُ أَوْ يَمِينُهُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذَا خِطَابٌ لِلْمُدَّعِي أَيْ لَيْسَ لِإِثْبَاتِ حَقِّك عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا شَاهِدَاك، وَلَيْسَ لَك عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الشَّاهِدَيْنِ إلَّا يَمِينُهُ اهـ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَأَوْرَدَ عَلَى الْحَصْرِ حُكْمَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ أَقْوَى مِنْ الْحُجَّةِ اهـ عَزِيزِيٌّ فَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ إقَامَةُ الشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ حَلِفِ الْخَصْمِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ إلَّا الصِّيغَةَ، وَهِيَ لَفْظُ أَشْهَدُ كَمَا يَأْتِي اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ الشَّاهِدُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ الْأَدَاءِ لَا عِنْدَ التَّحَمُّلِ إلَّا فِي النِّكَاحِ وَفِيمَا لَوْ وَكَّلَ شَخْصًا فِي بَيْعِ شَيْءٍ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ اهـ شَيْخُنَا وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمُزَكِّي فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي مِنْ الشُّرُوطِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ فِي فَصْلِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ مَا نَصُّهُ وَصَحَّ أَدَاءُ كَامِلٍ تَحَمَّلَ حَالَ كَوْنِهِ نَاقِصًا كَفَاسِقٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ تَحَمَّلَ ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْأَصْلِ اهـ أَيْ كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ إذَا تَحَمَّلَ نَاقِصًا وَأَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر هُنَاكَ (قَوْلُهُ ذُو مُرُوءَةٍ) قَدَّمَهَا عَلَى الْعَدَالَةِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا اهـ ع ش

(قَوْلُهُ يَقِظٌ) وَمِنْ التَّيَقُّظِ ضَبْطُ أَلْفَاظِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِحُرُوفِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُتَّجَهُ عَدَمَ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالْمَعْنَى وَلَا تُقَاسُ بِالرِّوَايَةِ لِضِيقِهَا؛ وَلِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الشَّاهِدِ فَقَدْ يُحْذَفُ أَوْ يُغَيَّرُ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِي عَقِيدَةِ نَفْسِهِ وَيُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ نَعَمْ يَقْرَبُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ التَّعْبِيرِ بِأَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِبْهَامِ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ شَاهِدٌ وَكَّلَهُ أَوْ قَالَ وَكَّلْته وَقَالَ الْآخَرُ: فَوَّضَ إلَيْهِ أَوْ أَنَابَهُ قُبِلَ أَوْ قَالَ وَاحِدٌ وَكَّلْت وَقَالَ الْآخَرُ قَالَ فَوَّضْت إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلَا؛ لِأَنَّ كُلًّا أَسْنَدَ إلَيْهِ لَفْظًا مُغَايِرًا لِلْآخَرِ وَكَانَ الْغَرَضُ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى اتِّحَادِ اللَّفْظِ الصَّادِرِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ أَنَّ كُلًّا سَمِعَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَرَّةٍ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِبَيْعٍ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يَتَّفِقَا فَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا وَشَهِدَ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْصُرَ الْأَمْرَيْنِ، وَلَوْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفَيْنِ ثَبَتَ الْأَلْفُ وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ بِالْأَلْفِ الزَّائِدِ وَبِهِ يُعْلَمُ صِحَّةُ قَوْلِ الْعَبَّادِيِّ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا أَوْ هَذَا لَفَفْنَا فِيهِ، وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الْهَرَوِيُّ، وَلَوْ أَخْبَرَ شَاهِدٌ عَدْلٌ بِمَا يُنَافِي شَهَادَتَهُ جَازَ لَهُ اعْتِمَادُهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أُخْبِرَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ، فَإِنْ ظَنَّ صِدْقَ الْمُخْبِرِ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ مَعَ عِلْمِهِ بَاطِنًا بِمَا يُخَالِفُهُ لَزِمَهُ الْإِخْبَارُ بِهِ اهـ شَرْحُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015