فِي إمْضَاءِ حُكْمٍ وَلَا أَدَاءِ شَهَادَةٍ (حَتَّى يَذْكُرَ) مَا حُكِمَ أَوْ شُهِدَ بِهِ لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ وَمُشَابَهَةِ الْخَطِّ (وَلَهُ) أَيْ الشَّخْصِ (حَلِفٌ عَلَى مَا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ) كَاسْتِحْقَاقِ حَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ أَدَائِهِ لِغَيْرِهِ (اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّ نَحْوِ مُوَرِّثِهِ) كَنَفْسِهِ وَمُكَاتِبِهِ الَّذِي مَاتَ مُكَاتَبًا أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَدَّاهُ مَا لَهُ عَلَيْهِ (إنْ وَثِقَ بِأَمَانَتِهِ) لِاعْتِضَادِهِ بِالْقَرِينَةِ وَفَارَقَ الْقَضَاءَ وَالشَّهَادَةَ بِمَا تَضَمَّنَهُ الْخَطُّ حَيْثُ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَذْكُرْ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَعَلَّقُ بِهِ وَالْحُكْمَ وَالشَّهَادَةَ بِغَيْرِهِ وَكَالْخَطِّ إخْبَارُ عَدْلٍ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَنَحْوِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَهُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ بِخَطٍّ مَحْفُوظٍ) عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قِرَاءَةً وَلَا سَمَاعًا وَلَا إجَازَةً وَعَلَى ذَلِكَ عَمِلَ الْعُلَمَاءُ سَلَفًا وَخَلَفًا وَفَارَقَتْ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهَا أَوْسَعُ مِنْهَا لِأَنَّ الْفَرْعَ يَرْوِي مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ وَلَا يَشْهَدُ.
(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا (تَجِبُ تَسْوِيَةٌ) عَلَى الْقَاضِي (بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي) وُجُوهِ (الْإِكْرَامِ) ، وَإِنْ اخْتَلَفَا شَرَفًا (كَقِيَامٍ) لَهُمَا وَنَظَرٍ إلَيْهِمَا (وَدُخُولٍ) عَلَيْهِ فَلَا يَأْذَنُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ (وَاسْتِمَاعٍ) لِكَلَامِهِمَا (وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ) لَهُمَا (وَجَوَابِ سَلَامٍ) مِنْهُمَا إنْ سَلَّمَا مَعًا فَلَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ سَلِّمْ أَوْ يَصْبِرَ حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُجِيبُهُمَا جَمِيعًا قَالَ الشَّيْخَانِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوهُ مُحَافَظَةً عَلَى التَّسْوِيَةِ
(وَمَجْلِسٍ) بِأَنْ يُجْلِسَهُمَا إنْ كَانَا شَرِيفَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ شَهِدَا عِنْدَ غَيْرِهِ بِأَنَّ فُلَانًا حَكَمَ بِكَذَا لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ إلَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَنْكَرَ حُكْمَهُ، وَكَذَّبَهُمَا اهـ ز ي (قَوْلُهُ حَتَّى يَذْكُرَ) أَيْ يَذْكُرَ الْوَاقِعَةَ مُفَصَّلَةً وَلَا يَكْفِيهِ تَذَكُّرُهُ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ التَّزْوِيرِ، وَالْغَرَضُ عِلْمُ الشَّاهِدِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَخَرَجَ بِيَعْمَلْ بِهِ عَمَلُ غَيْرِهِ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ بِحُكْمِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَهُ حَلِفٌ إلَخْ) يَشْمَلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَالْيَمِينَ الَّتِي مَعَهَا شَاهِدٌ (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبِهِ) قَدْ يُقَالُ الْمَأْذُونُ لَهُ أَوْلَى مِنْ الْمُكَاتَبِ فِي ذَلِكَ اهـ ح ل، وَقَوْلُهُ الَّذِي مَاتَ مُكَاتَبًا اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ م ر فِي شَرْحِهِ هَذَا الْقَيْدَ (قَوْلُهُ إنْ وَثِقَ بِأَمَانَتِهِ) بِأَنْ عَلِمَ مِنْهُ عَدَمَ التَّسَاهُلِ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ اعْتِضَادًا بِالْقَرِينَةِ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مِثْلَهُ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَيَّ كَذَا سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِدَفْعِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِهِ اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ إنْ وَثِقَ بِأَمَانَتِهِ قَالَ فِي الْعُبَابِ، وَضَابِطُ ثِقَتِهِ بِمُوَرِّثِهِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ رَأَى بِخَطِّهِ إقْرَارًا بِدَيْنٍ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بَلْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ اهـ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَعَلَّقُ بِهِ إلَخْ) وَفُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَظِيمٌ وَعَامٌّ بِخِلَافِ الْحَلِفِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْحَالِفِ، وَيُبَاحُ بِغَالِبِ الظَّنِّ وَلَا يُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ عَامٍّ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ بِخَطٍّ مَحْفُوظٍ) كَأَنْ يَجِدَ وَرَقَةً مَكْتُوبًا فِيهَا بِخَطِّهِ أَنَّهُ قَرَأَ حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ مَثَلًا عَلَى الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ أَوْ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ أَوْ أَجَازَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْقِرَاءَةَ وَلَا الْإِجَازَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْحَدِيثَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فِي وَرَقَةٍ كَمَا سَبَقَ لِبَعْضِ الْأَفْهَامِ اهـ عَشْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالصَّحِيحُ جَوَازُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِخَطٍّ كَتَبَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ قِرَاءَةً وَلَا سَمَاعًا وَلَا إجَازَةَ مَحْفُوظٍ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ، وَلِهَذَا عَمِلَ بِهِ السَّلَفُ، وَالْخَلَفُ وَلَوْ رَأَى خَطَّ شَيْخِهِ لَهُ بِالْإِذْنِ فِي الرِّوَايَةِ، وَعَرَفَهُ جَازَ اعْتِمَادُهُ أَيْضًا، وَالثَّانِي الْمَنْعُ إلَّا أَنْ يَتَذَكَّرَ كَالشَّهَادَةِ انْتَهَتْ بِالْحَرْفِ.
[فَصْلٌ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا]
(فَصْلٌ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) تَثْنِيَةُ خَصْمٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَجَمْعُهُ خُصُومٌ وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يُطْلِقُ الْخَصْمَ عَلَى الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَالْخَصِمُ بِكَسْرِ الصَّادِ الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْمُتَخَاصِمَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَلَوْ بِالْوَكَالَةِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يُعْتَبَرُ الْمُوَكِّلُ وَلَا مَجْلِسُهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَمَا يَتْبَعُهَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا حَضَرَ أَمْسَكَتْ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) وَمِثْلُهُمَا وَكِيلَاهُمَا وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَثِيرًا مِنْ التَّوْكِيلِ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ وَرْطَةِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ جَهْلٌ قَبِيحٌ وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي مَجْلِسٍ أَرْفَعَ وَوَكِيلَاهُمَا فِي مَجْلِسٍ أَدْوَنَ أَوْ جَلَسَا مُسْتَوِيَيْنِ وَقَامَ وَكِيلَاهُمَا مُسْتَوِيَيْنِ جَازَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ شَرْحُ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَرْتَفِعُ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْوَكِيلِ وَالْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ أَيْضًا بِدَلِيلِ تَحْلِيفِهِ إذَا وَجَبَتْ يَمِينٌ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى الزَّبِيلِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَغَيْرُهُ، وَهُوَ حَسَنٌ وَالْبَلْوَى بِهِ عَامَّةٌ وَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ يُوَكِّلُ فِرَارًا مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ فِي وُجُوهِ الْإِكْرَامِ) أَيْ أَنْوَاعِهِ وَأَسْبَابِهِ (قَوْلُهُ كَقِيَامٍ لَهُمَا) لَوْ قَامَ لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِي خُصُومَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ لِلْآخَرِ أَوْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ جَاءَ فِي خُصُومَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَاجِبًا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا وَضِيعًا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْقِيَامِ لِمِثْلِهِ وَالْآخَرُ رَفِيعًا يُقَامُ لَهُ حَرُمَ الْقِيَامُ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَادَةً إلَّا الْقِيَامُ لِلرَّفِيعِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَجَوَابِ سَلَامٍ مِنْهُمَا) أَيْ، وَلَوْ قَرُبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْقَاضِي وَبَعُدَ الْآخَرُ عَنْهُ وَطَلَبَ الْأَوَّلُ مَجِيءَ الْآخَرِ إلَيْهِ وَعَكَسَ الثَّانِي، فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الرُّجُوعُ لِلْقَاضِي مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِشَرَفِ أَحَدِهِمَا أَوْ خِسَّتِهِ فَإِنْ قُلْت أَمْرُهُ بِنُزُولِ الشَّرِيفِ إلَى الْخَسِيسِ تَحْقِيرٌ أَوْ إخَافَةٌ لَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَلْيَتَعَيَّنْ قُلْتُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ قَصْدَ التَّسْوِيَةِ يَنْفِي النَّظَرَ لِذَلِكَ نَعَمْ لَوْ قِيلَ الْأَوْلَى، وَذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَيُتَّجَهُ الرُّجُوعُ لِلْقَاضِي أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَامَ أَحَدُهُمَا وَجَلَسَ الْآخَرُ وَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُوَافَقَةَ الْآخَرِ مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْهَا اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ مُحَافَظَةً عَلَى التَّسْوِيَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ أَوْ أَمَرَهُ بِالسَّلَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ تَرَكَ جَوَابَ الْأَوَّلِ وُجُوبًا وَفِيهِ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَإِذَا حَضَرَ جَمْعٌ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمْ كَفَى عَنْ الْبَاقِينَ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَعَلَيْك فَيُقَدِّمُ جَوَابَ الْمُسْلِمِ